اقتصاد مالي

مدينة نيوم

مدينة المستقبل الجديد

يبدو أن الأحلام بدأت تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية، فها هي مدينة (نيوم) أو مدينة المستقبل الجديد بدأت تتضح ملامحها وتتطور بسرعة مذهلة، إذ تتماشى هذه المدينة مع أهداف وتطلعات رؤية 2030م، وتشكّل نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي، وتوفر فرص عمل جديدة وتساهم في زيادة إجمالي الناتج المحلي للمملكة.

إطلاق مدينة نيوم

تم إطلاق مشروع مدينة نيوم الاستثماري السعودي العملاق يوم الثلاثاء 4 صفر 1439هـ، الموافق 24 تشرين الأول من عام 2017م، من قِبل الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي العهد السعودي، وذلك ضمن فعاليات منتدى (مبادرة مستقبل الاستثمار) المنعقد في الرياض.

كلمة (نيوم) هي اختصار لكلمتين، الأولى هي (new) باللغة الإنجليزية وتعني جديد، والثانية هي كلمة (مستقبل) باللغة العربية، التي يرمز لها حرف (م)، لتعبّر كلمة (نيوم) عن المستقبل الجديد، ومن الجدير بالذكر أنه سيتم تمويل مدينة نيوم بما مقداره 500 مليار دولار من قِبل المملكة العربية السعودية، وصندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين، ومن المقرر أن تجذب المدينة استثمارات متنوعة في مختلف القطاعات.

موقع مدينة نيوم

مشروع مدينة (نيوم) الضخم هو مشروع عابر للحدود، فهو يقع شمال غرب المملكة العربية السعودية، ويضم أيضاً أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، وتبلغ مساحته 26,500 كم2، ويسمح موقع المدينة الذي يربط القارات الثلاث؛ آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، لوصول 70% من سكان العالم إلى المدينة خلال 8 ساعات كحد أقصى.

إقرأ أيضا:مجالات إدارة الأعمال

ما يميز موقع مدينة (نيوم) أن طبيعته مختلفة عن الطبيعة الصحراوية لأغلب مناطق السعودية، فشواطئ مدينة المستقبل الجديد تمتد إلى مساحة تتجاوز 450 كم2، وتطلّ على ساحل البحر الأحمر الذي تمر عبره قرابة 10% من حركة التجارة العالمية، كما تضم المدينة جبالاً شاهقة تطل على خليج العقبة والبحر الأحمر ويصل ارتفاعها إلى 2,500 متر، وهي جبال تغطيها الثلوج في الشتاء.

يعد مناخ مدينة نيوم لطيفاً بسبب النسمات القادمة من البحر الأحمر، إذ تقل درجات الحرارة فيها بمعدل 10° مئوية عن المناطق المحيطة في دول الخليج العربي.

تنظيم مدينة نيوم

تتميز منطقة مدينة (نيوم) بأنها تخضع لإطار تنظيمي خاص، لا يخضع لأنظمة وقوانين الدولة ما عدا القوانين السيادية التابعة لها، حيث ستكون لها قوانين خاصة تتعلق بالقيود القانونية، والجمارك، والضرائب، وقوانين العمل، مما يتيح للمنطقة القدرة على توفير العديد من الخدمات وتصنيع المنتجات بأسعار منافسة عالمياً، بالإضافة إلى تشكيل هيئة قضائية خاصة لحلّ النزاعات وفق قوانين المنطقة التي تتبع تشريعات مستقلة.

أما في الجانب الاجتماعي، سيتم تطبيق أفضل المعايير العالمية لنمط العيش في مختلف الجوانب، إذ يهدف المشروع إلى توفير الفرص الاقتصادية وأفضل سبل العيش، كما يسعى إلى استقطاب أكفأ المهارات من السعودية وخارجها، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الارتقاء بجودة الحياة داخل المدينة والاهتمام بمختلف الجوانب؛ مثل الصحة، والتعليم، والغذاء، والنقل، والصناعة، والترفيه، مع الاستعانة بأحدث التقنيات لتنفيذ بنية تحتية آمنة، وقد تم تحديد جدول زمني بدأ تنفيذ المشروع بناءً عليه، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2025م.

إقرأ أيضا:أهمية المحاسبة المالية

ميّزات مدينة نيوم وخدماتها

تركز مدينة نيوم على ستة عشر قطاعاً استثمارياً رئيسياً متخصصاً، وفيما يأتي توضيح لمستقبل هذه القطاعات فيها:

الطاقة

يسعى المشروع إلى تزويد مدينة نيوم بالطاقة باستخدام موارد الطاقة المتجددة وبأقل تكلفة، فهو يقع ضمن منطقة غنية بالرياح والطاقة الشمسية، فلا بد من استغلال هذه الموارد في مشاريع الطاقة البديلة، كما يعمل علماء نيوم أيضاً على استخدام المياه، والغاز، والنفط، والطحالب كمصادر جديدة للطاقة، بالإضافة إلى العمل على شبكات لتخزين الطاقة.

المياه

تمتد مدينة نيوم مسافة 450 كم على شواطئ البحر الأحمر، مما يمنحها موارد مائية لا محدودة ليتمّ استغلالها في الطاقة المتجددة وفي توظيف خبرة المملكة العربية السعودية في تحلية المياه محلياً، وهذه فرصة لتصبح مصدراً إقليمياً للمياه، كما تطمح لتتصدر عالمياً في تقنيات تحلية المياه وتخزينها، مما سيجذب مراكز الأبحاث والشركات الناشئة في مجال المياه لتطوير أحدث التقنيات.

التنقل

يعتمد مشروع نيوم ضمن حدوده الجغرافية على أنظمة تنقّل مستدامة وآمنة بالكامل، تربط بين الخطوط الجوية، والبرية، والبحرية، مع وجود شبكة مواصلات مميزة خارج حدود المدينة، كما سيتم إنشاء جسر يتميز بموقعه الاستراتيجي وتصميمه ليربط بين قارتي آسيا وأفريقيا.

التقنيات الحيوية

تحتضن مدينة نيوم مستقبل الرعاية الصحية، فهي تهدف إلى استقطاب الكفاءات العاملة في الأبحاث والتطوير للقيام بأبحاث عن العلاج الجيني، وعلم الجينوم، وتقنية النانو الحيوية، والهندسة الحيوية، في سبيل الوصول إلى الصحة والرفاهية العالمية.

إقرأ أيضا:ما هي الجمارك

الغذاء

يركّز مشروع نيوم على العديد من التقنيات المتطورة؛ مثل مشاريع الري، والزراعة الجافة، والبيوت الزجاجية التي تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مزارعها المُقامة بشكل عمودي لتشغل أقل مساحة ممكنة وتزود سكان المدينة بمنتجات زراعية طازجة.

التصنيع

يزدهر الابتكار في مدينة نيوم ليشمل العديد من التطبيقات التكنولوجية، وخلق البيئة المناسبة لتتطور فيها هذه الابتكارات كالأبحاث والتطوير، والتوريد، والنقل، والبنى التحتية، ومن هذه الابتكارات ما يأتي:

  • الطباعة ثلاثية الأبعاد.
  • الحساسات.
  • إنترنت الأشياء.
  • المركبات الكهربائية.
  • الإنسان الآلي.
  • موارد الطاقة المتجددة.

من المهم أيضاً خلق الظروف المناسبة لاختبار هذه الاختراعات مثل: وسائل النقل ذاتية الحركة التي تستخدم للتنقل من نقطة إلى نقطة، والطائرات التي تعمل بدون طيار، والأنظمة المرورية ذاتية التعلم، ضمن بيئة معيشية حية ثم العمل على تطويرها وتحسينها لتصل إلى أفضل شكل ممكن.

الإعلام والإنتاج الإعلامي

يستقطب هذا القطاع أصحاب الكفاءات من أصحاب المهارات العالية، بالإضافة إلى الهواة لتزويدهم بالبنى التحتية المطلوبة؛ من شركات الإنتاج إلى الاستديوهات، لتمكينهم من إنتاج وتوزيع الأفلام، والبرامج التلفزيونية، والأعمال الموسيقية، وألعاب الفيديو، والإعلام الاجتماعي.

الترفيه

يسعى مشروع نيوم إلى الارتقاء بمستويات الترفيه؛ حيث تزدهر المدينة بالمسارح، وقاعات الفنون البصرية، والمطاعم العالمية الشهيرة، وتجارب التسوق الراقية التي تنافس كبرى المدن والعواصم العالمية، ومدن الملاهي، والمنتزهات الطبيعية، بالإضافة إلى إنشاء أكبر حديقة في العالم في قلب المدينة، كما تسعى إلى استقطاب دور الأزياء البارزة والعلامات التجارية للمشاركة في تطوير صناعة الموضة مثل: غرف تبديل الملابس بتقنية الواقع الافتراضي، والأنسجة المتغيرة بتغير درجة الحرارة وغيرها.

العلوم التقنية والرقمية

يعتمد مشروع نيوم على سياسة المصدر المفتوح، لإتاحة تحليل البيانات وتطويرها وتحقيق الابتكارات لعلماء البيانات على مستوى العالم، ليتمكنوا من إجراء اختبارات وتجارب في هذه المدينة.

السياحة

تزدهر السياحة في مدينة نيوم؛ مما يوفّر للسائح كل ما يتوقعه في مدينة نيوم من طبيعة ساحلية، وشعاب مرجانية مميزة، وصحراء ممتدّة، وجبال شاهقة، وطقس معتدل، ومن جهة أخرى سيجد أحدث المنشآت الرياضية الذكية لمحبي الرياضة ونمط الحياة الصحي، بالإضافة إلى الفعاليات الرياضية الرائدة على مستوى العالم.

الرياضة

تلبي نيوم شغف الرياضيين بالمنشآت الذكية التي توفر الراحة ونمط الحياة الذي يدفعهم إلى الوصول إلى قمة أدائهم، وخوض تجارب رياضية مميزة، بالإضافة إلى الاحتفال بالرياضات الدولية، وإقامة منافسات في مجالات جديدة.

التصميم والبناء

تدخل تقنيات التصميم المتطورة في مستقبل صناعة البناء، كنمذجة معلومات البناء، والتصنيع المسبق، وأجهزة الاستشعار اللاسلكية، والأدوات الإلكترونية ذاتية التشغيل، واستخدام الروبوت، والطباعة ثلاثية الأبعاد، كما يعتمد المشروع على هذه التقنيات في إنشاء شركات عالمية للتصميم والبناء لتقليل التكلفة، وتقليل الوقت اللازم للتصميم والبناء، وتخفيض الأيدي العاملة.

الخدمات المنوعة

تهدف مدينة نيوم إلى توفير أفضل الخدمات الممكنة لسكانها في مجالات عديدة؛ كالأعمال، والخدمات المصرفية، وحتى الخدمات العامة، وستتصدر في تطبيق التقنيات المبتكرة في قطاع الخدمات على مستوى العالم.

الصحة والرفاهية

يسعى المشروع إلى رفع مستوى الحياة الصحية ومتوسط الأعمار إلى أفضل مستوى ممكن، وتعزيز الأساليب المبتكرة للوقاية من الأمراض عن طريق تقديم أفضل الخدمات الطبية لسكانها، وأحدث أنظمة الرعاية الصحية والتقنية الحيوية، واستقطاب كل من يبحث عن أفضل طرق العلاج، والتصدر في مجال الأبحاث العلمية لإيجاد حلول للتحديات الطبية المستعصية.

التعليم

تضم مدينة نيوم أفضل المدارس والجامعات والكليات حول العالم، بحيث تهتم بالطلاب من المراحل الأولى وحتى التعليم العالي، وتستند إلى نظام تعليمي يحفّز على التعليم، وينمّي قدرات الطلاب الإبداعية، ويراعي الأساليب التي تناسب مهارات كل فرد، بحيث يعتمد على أساليب وتقنيات تحدِث تغييراً كبيراً في مجال التعليم.

المعيشة

ترتقي مدينة نيوم بجودة الحياة ونوعيتها من جميع النواحي تبعاً لتطور جميع القطاعات فيها، وتوظيف تقنيات المستقبل؛ لحفظ أمان وسلامة سكانها وتوفير فرص اقتصادية كبرى.

السابق
ويندوز 11 يدعم معالجات “آرم”