أهمية الماء
الماء عصب الحياة على الأرض، ويُشكّل ما نسبته 73% من سطح الأرض، حيث توجد البحار، والمحيطات، والأنهار، بالإضافة إلى وجود الماء في باطن الأرض أيضاً، وتزدهر الحياة في مكان وجود الماء، وبذلك يمكن القول إنه لا حياة دونه، إذ يقول الله تعالى في كتابه العظيم: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، فلا يمكن للكائنات الحية على اختلاف أنواعها العيش دون ماء.
وللماء دور كبير في الحفاظ على مناخ الأرض من التغير فجأة ليصبح بارداً جداً أو حاراً جداً، حيث تزداد أهميته واستخداماته مع تقدُّم الحياة وتطورها، فيستخدم الماء في التنظيف، أو الاستحمام، أو الطبخ، أو في التخلص من الفضلات، كما أنه هام في عملية الزراعة، مما يساهم في توفير أنواع الطعام المختلفة، ويستعمل الماء في الصناعة أيضاً، كما أن مياه الأنهار تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، وبالرغم من استهلاك البشر للماء بكميات كبيرة إلّا أنه ينضب. فكميات الماء الموجودة على الأرض اليوم هي نفسها الكمية التي وُجدت منذ القِدم والتي ستبقى نفسها في الأيام القادمة، حيث إن كل قطرة ماء تُستخدم ستعود إلى مصادر المياه، ثم ستتبخر منها بسبب حرارة الشمس، ثم تسقط على الأرض على شكل أمطار، وهكذا تحدث دورة الماء في الطبيعة، وهنا وجب التنويه إلى أن الماء لا يمكن أن ينفد أو أن تقل كميته من الأرض؛ وذلك بسبب حدوث دورة الماء في الطبيعة بانتظام، وفيما يأتي شرح لطريقة حدوث دورة الماء في الطبيعة ولمراحلها المختلفة.
إقرأ أيضا:أين توجد غابات الأطلسمراحل دورة الماء في الطبيعة
يتحرك الماء حركة مستمرة من المحيطات إلى الهواء، ثم ينتقل من الهواء إلى طبقات الجو العليا ليعود إلى الأرض ومنه إلى مصادر الماء مرة أخرى في دورة طبيعية تحدث بشكل منتظم على الأرض وهي دورة الماء في الطبيعة، وتضمن دورة الماء في الطبيعة حركة الماء المستمرة بين الأرض والغلاف الجوي، وتعرف أيضاً باسم الدورة الهيدرولوجية، وتتكون من مراحل متتالية وهي، التبخر، والتكاثف، والهطول، والجريان، ويختلف توزيع الماء بين هذه المراحل إلّا أن الكمية الكُلية خلال دورة الماء تبقى ثابتة.
التبخر
التبخر هو أحد المراحل الأساسية في دورة الماء، وما يحدث خلال عملية التبخر هو انتقال جزيئات الماء من سطح الماء إلى الغلاف الجوي، حيث إن جزئيات الماء عندما يصبح لديها طاقة حركية تسمح لها بالانفصال عن بعضها تتغير حالتها السائلة لتتصاعد في الجو على شكل بخار الماء في حالتها الغازية، وتأتي هذه الطاقة من حرارة الشمس وهي المسؤولة عن تكسر جزئيات الماء وانفصالها عن بعضها.
ومن أهم العوامل التي تؤثر على تبخر الماء درجة الحرارة، والرطوبة، بالإضافة إلى سرعة الرياح، ومن أهم المصادر لبخار الماء في الجو هي المحيطات، كما يلعب الجليد والثلج دوراً كبيراً في زيادة نسبة بخار الماء في الجو عند تحوُّله من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية من خلال عملية التسامي دون المرور بالحالة السائلة، كما يحدث التبخر في التربة أيضاً، ويحدث التبخر في الغطاء النباتي من خلال عملية النتح، ويشكل بخار الماء أحد العوامل الأساسية المؤدية إلى تشكُّل الرطوبة في الجو وتكوُّن الضباب والغيوم وسقوط الأمطار. ويمكن القول إن المحيطات والبحار والبحيرات تُشارك بما تقارب نسبته 90% من رطوبة الغلاف الجوي من خلال التبخر، أما النباتات فتساهم بنحو 10% من رطوبة الغلاف الجوي بعملية النتح، ويتوقف التبخر عندما يصل الغلاف الجوي إلى درجة الإشباع أي وصول الرطوبة فيه إلى ما نسبته 100%، ويبقى بخار الماء في الغلاف الجوي في منطقة تُسمى التروبوسفير، وهي المنطقة الواقعة أسفل الارتفاع 10-13 كم، أي ما يعادل 6-8 أميال.
إقرأ أيضا:كيف يتكون الرعدالتكاثف
التكاثف عملية يتحول فيها بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة، وهو الوسيلة الأساسية التي يعود من خلالها الماء إلى الأرض، فما يحدث خلال التكاثف هو عكس ما يحدث في التبخر تماماً، ويحدث التكاثف عندما يمتلئ الغلاف الجوي بذرات بخار الماء، أي يصل إلى حالة الإشباع، وعندما تختلط الكتل الهوائية التي تكون درجة حرارتها مختلفة مع بعضها البعض، فعندما يتصاعد بخار الماء في الجو يبرد، وتسخن الشمس بدورها الهواء القريب من سطح الأرض وعندما ترتفع درجة الهواء يصبح وزنه خفيفاً فيرتفع إلى الأعلى ليلتقي بالهواء البارد، وعندها يحدث التكاثف وتتشكل السحب والغيوم.
الهطول
بعد أن تتكون السُحب والغيوم يتساقط المطر، وإذا برد بخار الماء إلى درجة مناسبة لتكوّن الثلوج فإنه يهطل الثلج، ويتساقط البخار على هيئة أمطار، حيث إن بخار الماء يتكاثف في البداية على جزيئات الغبار أو الدخان العالقة بالجو لتكون هي النواة التي تتشكل عليها قطرة المطر، ثم تتجمع قطرات المطر تلك لتُكوِّن السحب، إلّا أنها لا تسقط مباشرة بسبب الهواء الصاعد الذي يرفعها بدوره نحو الأعلى، الأمر الذي يمنعها من الهطول، لكن عندما تمتلئ السحب بقطرات الماء وتصبح ثقيلة تتصادم جزيئات الماء مع بعضها البعض، وعندما يزداد التصادم ويكون سريعاً جداً تتساقط الأمطار، أو عندما تتحد قطرة ماء صغيرة مع قطرة أكبر منها حجماّ فإن قطرة الماء التي تنتج عنهما يكون وزنها ثقيلاً جداً لا تحمله السحابة فتسقط على هيئة مطر.
إقرأ أيضا:كيف يتغير الضغط بالارتفاعالجريان
تتوزع ياه الأمطار بعد سقوطها على سطح الأرض بأربع طرق رئيسة، فبعضها يتبخر ويرجع إلى الغلاف الجوي من جديد، وبعضها يمتصه الغطاء النباتي ويخرجه إلى الجو من خلال عملية النتح من جديد، وهناك جزء من مياه الأمطار تمتصه التربة ليدخل إليها ويتخلل طبقاتها، حيث تشكل المياه الجوفية جزءاً منه، وهناك الجزء المتبقي يجري على سطح الأرض ليصب في البحار والمحيطات، وقد أظهرت الدراسات أن نحو 75% من مياه الأمطار تهطل فوق البحار والمحيطات، أما المياه التي تتخلل التربة وتصبح جزءاً من المياه الجوفية فيمكن أن تسير بشكل بطيء في الصخور حتى تعود إلى الأنهار؛ لتصب في البحر في النهاية، ومن المياه الجوفية التي تشكلت ما يبقى داخل الأرض ويتسرب عميقاً ليصل إلى مخزن المياه الجوفية.