مظاهر التلوث وأخطاره
يُسبّب التلوث بجميع أشكاله -تلوث الماء، والهواء، والتربة- العديد من المخاطر على الكائنات الحية بما فيهم الإنسان، فهو مسؤول عن 40% من معدل الوفيات حول العالم حسب دراسات الباحثين في جامعة كورنيل (بالإنجليزية: Cornell)، وبحسب منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) فإنّ ظاهرة التدهور البيئي إلى جانب تزايد أعداد السكان حول العالم كانت وراء الزيادة السريعة للأمراض التي تُصيب البشرية، فقد تَسبّب كلا العاملين السابقين في سوء التغذية، وزيادة قابلية نحو 3.7 مليار شخص حول العالم بالإصابة بالأمراض.
مظاهر تلوث الهواء وأخطاره
تتسبب بعض الأنشطة الطبيعية في زيادة تلوث الهواء، ومنها: البراكين، وحرائق الغابات، وحبوب اللقاح، والغبار، والأنماط الجوية المختلفة كانقلاب أو انعكاس درجة الحرارة (بالإنجليزية: Temperature Inversion) والذي يُساهم بدوره في تثبيت التلوث في مكانه، ولا تُعدّ الطبيعة هي المسؤول الوحيد عن تلوث الهواء، فالأنشطة البشرية المختلفة هي مصدر أساسي آخر لتلوث الهواء.
أخطار تلوث الهواء على صحة الإنسان
يسبب تلوث الهواء العديد من الآثار السلبية على صحة الإنسان، ويختلف أثرها من شخص إلى آخر، فالأشخاص البالغون والأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة قد لا يعانون من مشاكل على المدى البعيد إذا ما تعرّضوا لمستويات منخفضة من التلوث ولفترات قصيرة، ولكن الضرر الأكبر قد يُصيب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب أو الجهاز التنفسي، حتى وإن كان التعرّض لمستويات منخفضة من التلوث أو لفترات قصيرة، كما أنّ الأطفال واليافعين الصغار معرّضون بنسب أكبر من غيرهم للتأثر صحياً بتلوث الهواء، وقد يؤدي التعرّض لكميات مرتفعة من تلوث الهواء أو لفترات طويلة إلى إصابة الإنسان بأمراض خطيرة، وفي بعض الحالات قد يقودهم إلى الموت.
إقرأ أيضا:كيف تتم معالجة مياه الصرف الصحيأخطار تلوث الهواء على البيئة
لا يقتصر تأثير تلوث الهواء على صحة الإنسان، بل يتعداها ليهدد حياة النباتات، والحيوانات، والبيئة بأكملها، فعندما تنبعث الجزئيات الدقيقة المعلقة (بالإنجليزية: Suspended Particles)، والغازات الناتجة عن الأنشطة البشرية وبعض الأنشطة الطبيعية، مثل: أكاسيد النيتروجين، وكبريتيد الهيدروجين، وأكاسيد الكبريت، وأول أكسيد الكربون، والمركبات العضوية المتطايرة، وغيرها إلى الغلاف الجوي، فإنّها تذوب في بخار الماء المكوِّن للغيوم وتتفاعل معه، لتتساقط بعد ذلك على شكل أمطار حمضية يكون الرقم الهيدرجيني (pH) لها أقل من 5، وهذه هي درجة الحموضة التي تؤدي إلى إحداث التآكل، وإلحاق الضرر بالمباني والغابات.
أخطار تلوث الهواء على الاقتصاد
يؤثر تلوث الهواء أيضاً في الحالة الاقتصادية للبلاد بشكل غير مباشر، إذ ينمو الاقتصاد ويزدهر عندما تتمتع القوى العاملة بوافر الصحة والعافية، وعندما تتمّ إدارة قطاع الزراعة القائم على زراعة المحاصيل المُعتمدة على المصادر الطبيعية بشكل فعال، لكن تلوث الهواء يخفض من إنتاجية المحاصيل الزراعية والمزارع المُعدّة للأغراض تجارية والتي يُنفق عليها مليارات الأموال كل عام، كما أنّه يُضر بصحة الإنسان وبقدرته على ممارسة أعماله، والذي يترتب عليه خسائر كبيرة في القطاع الاقتصادي.
مظاهر تلوث الماء وأخطاره
في بعض الأحيان، قد يبدو تلوث الماء واضحاً للعيان، مثل تسرب النفط في البحار والمحيطات، لكن بشكل عام لا يُمكن ملاحظته بالعين المجردة، لذا فقد اعتمد المختصون على طريقتين لتحديد ما إذا كان الماء ملوثاً أم لا، تقوم الطريقة الأولى على أخذ عينة من الماء، وقياس تراكيز المواد الكيميائية المختلفة فيها، وإذا أظهرت النتائج أنّ تركيز المواد الكيميائية كبيرة وأعلى من مستواها الطبيعي، فهذا يعني أن الماء ملوث، وتُسمّى هذه القياسات بالمؤشرات الكيميائية لجودة الماء، أمّا الطريقة الأخرى فيُشار إليها باسم المؤشرات البيولوجية لجودة الماء، وتقوم على الفحص الأسماك، والحشرات، واللافقاريات التي تعيش في الماء، فإذا وُجِد أنّ بيئة مائية ما تدعم أشكالاً مختلفة من الكائنات المائية داخلها، فهذا يعني أنّ جودة الماء جيدة، أمّا إذا كانت البيئة تفتقر إلى التنوع المائي، فذلك يعني أنّ جودة المياه رديئة ومليئة بالملوِّثات، ويترتب على تلوث الماء عدد من الأضرار السلبية المتعلقة بالعديد من أمور الحياة، مثل:
إقرأ أيضا:مقال عن تلوث البيئةأخطار تلوث الماء على الإنسان
يلعب الإنسان دوراً رئيسياً في تلوث الماء، ويعود ذلك بالأثر السلبي عليه، وحسب تقرير صادر من منظمة الصحة العالمية نُشر عام 2017م إنّ هناك حوالي 2.1 مليار شخص حول العالم لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، ويُفيد تقرير آخر نُشر عام 2019م بأنّ 785 مليون شخص حول العالم يفتقرون إلى مياه الشرب الأساسية، كما يؤدي التلوث إلى إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض، وقد أفادت منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن بأنّ 120,000 شخص حول العالم يموتون سنوياً بسبب الكوليرا.
أخطار تلوث الماء على البيئة
تُعدّ كل من الحيوانات والنباتات المائية الفئات الأكثر تضرراً من تلوث الماء، حيث إنّ إزالة أو إضافة بعض الكائنات الحية المجهرية يُمكن أن يؤثر عليها، وعلى النظام البيئي ككل بشكل خطير، فمثلاً تؤدي زيادة المغذيات في المياه إلى زيادة نمو الطحالب البحرية واستنزاف نسبة الأكسجن في الماء، وبالتالي موت الأسماك والكائنات المائية الأخرى، وتقدم العديد من الدراسات العائدة إلى مركز التنوع البيولوجي (بالإنجليزية: Center for Biological Diversity) لمحة حول أضرار تسرب النفط الحاصل في الخلجان المائية، ففي عام 2010م تضرر حوالي 82,000 طائر، وحوالي 25,900 حيوان بحري، وحوالي 6,165 سلحفاة بحرية، وأعداد غير معروفة من الأسماك واللافقاريات جراء مثل هذه التسربات.
إقرأ أيضا:مظاهر تدهور التنوع البيولوجي وأسبابهكما قد يُسبب تلوث الماء خللاً في السلاسل الغذائية عن طريق انتقال السموم من مستوى إلى آخر أعلى منه، وقد يؤدي ذلك إلى إلغاء أجزاء كاملة من السلاسل الغذائية، إمّا عن طريق النمو المُفرط لبعض أنواع الكائنات الحية بسبب وفاة الحيوان المفترس الذي يُمكن أن يتغذى عليها، أو موت الفرائس -قبل افتراسها- التي من الممكن أن تتغذى عليها الحيوانات المفترسة.
أخطار تلوث الماء على الاقتصاد
تُعدّ عملية إعادة تأهيل واستصلاح المسطحات المائية عملية مكلفة جداً من الناحية المادية، فعلى سبيل المثال، فقد عملت بعض الحكومات على جمع أكثر من مليون طن من المياه الملوَّثة في خزانات من أجل معالجتها، وقد أعلنت أنّ هذه العملية ستكلف خزينة الدولة حوالي 660 مليار دولار، وبشكل عام تُعدّ تكلفة تنقية ومعالجة المياه الصالحة للشرب عملة مكلفة جداً، بالإضافة إلى التكاليف المترتبة على علاج الأمراض الناتجة عن التلوث.
مظاهر تلوث التربة وأخطاره
تُمثّل المبيدات الحشرية، والمنتجات النفطية، وغاز الرادون، والأسبستس أو الحرير الصخري (بالإنجليزية: Asbestos)، والرصاص، وزرنيخات النحاس الكروماتية (بالإنجليزية: Chromated Copper Arsenate)، والكريوزوت (بالإنجليزية: Creosote) صوراً شائعة للملوِّثات الموجودة في التربة الحضرية، ويترتب على تلوث التربة عدد من الآثار السلبية في العديد من المجالات، مثل:
أخطار تلوث التربة على الإنسان
تتوفر الملوِّثات في التربة بحالات المادة الثلاث: الصلبة، والسائلة، والغازية، وهنا يكمن الخطر، إذ قد تنتقل إلى الإنسان عن طريق الجلد أو المجاري التنفسية، وقد يُصاب الإنسان نتيجة لتعرّضه لهذه الملوثات بمجموعة من الأعراض على المدى القصير، كالصداع، والغثيان، والقيء، والسعال، وآلام في الصدر، وتهيج العين والجلد، والشعور بالضعف والتعب، أمّا على المدى الطويل، فقد يسبب التعرّض لمستويات عالية منها إلى إلحاق الضرر الدائم بالجهاز العصبي، وتلف بعض الأعضاء الحيوية، وغيرها من الأمراض.
أخطار تلوث التربة على الكائنات الحية
يُسبب التلوث نقص المغذيات في التربة، وزيادة ملوحتها، وبالتالي إعاقة نمو النباتات، وقد يسبب تلوث التربة بالألمنيوم غير العضوي نقل المواد السامة إلى النبات، وتراكمها فيها بتراكيز عالية في عملية تُدعى التراكم الحيوي (بالإنجليزية: Bioaccumulation)، ثمّ تنتقل هذه التراكيز العالية من الملوِّثات عبر السلسلة الغذائية إلى الحيوانات العاشبة، ثمّ إلى مستويات أعلى منها، مما يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع في السلاسل الغذائية، وربما تصل في النهاية إلى الإنسان مسببة له العديد من الأمراض.
أخطار تلوث التربة على البيئة
قد تضمّ التربة عدداً من الملوِّثات المتطايرة التي قد تنتقل إلى الغلاف الجوي عن طريق الرياح، أو قد تتسرب إلى المياه الجوفية، وهذا يعني مساهمة التربة في تلوث الماء والهواء بشكل مباشر، ومن هذه الملوِّثات غاز الأمونيا الذي قد يصل إلى الغلاف الجوي ليُشكل المطر الحمضي الضار بالتربة، فالتربة الحمضية هي تربة غير صالحة للعديد من الكائنات الحية الدقيقة المسؤولة عن تحسين نسيج التربة، وعن تحلل المواد العضوية، وفي النهاية فإنّ تلوث التربة يعني انخفاضاً في المحاصيل الزراعية، وفي بعض الأحيان إنتاج محاصيل غير صالحة للاستهلاك البشري.