نظرة عامة عن كوكب نبتون
يُمثّل كوكب نبتون ثالث أضخم كوكب في المجموعة الشمسية، ويقع في الترتيب الثامن من حيث بُعده عن الشمس، حيث تمّ اعتباره الكوكب الأبعد عن الشمس منذ أن أعاد العلماء تصنيف كوكب بلوتو ككوكب قزم عام 2006م، كما يقع في الترتيب الرابع من حيث حجمه، وتصل كتلته إلى حوالي 17 ضعفاً من كتلة كوكب الأرض، لذا يُعتبر أكثر ضخامةً من كوكب أورانس الذي تصل كتلته حوالي 14 ضعفاً من كتلة كوكب الأرض، ومن الجدير بالذكر أنّه لا يُمكن رؤية كوكب نبتون بالعين المجرّدة؛ وذلك بسبب بعده عن كوكب الأرض، حيث يظهر من خلال التلسكوب كقرص صغير للغاية باللون الأزرق المخضر الباهت؛ ويعود السبب وراء لونه الأزرق إلى امتصاص غاز الميثان للضوء ذي اللون الأحمر من غلافه الجوي، ومن بعض خصائصه الفيزيائية ما يأتي:
- كتلة كوكب نبتون: 1.0241 × 1022 كغم.
- حجم كوكب نبتون: 62,525,703,987,421 كم3.
- كثافة كوكب نبتون: 1.638 غم/سم3.
- مساحة سطح كوكب نبتون: 7,618,272,763 كم2.
خصائص كوكب نبتون
الشكل والبُنية
تشكّل كوكب نبتون مع غيره من كواكب المجموعة الشمسية قبل 4.5 مليار سنة، حيث سحبت الجاذبية دوّامات من الغاز والغبار معاً لتشكيله، وهناك احتمالية بأنّه قد كان أقرب للشمس منه الآن، ثمّ انتقل إلى مكانه الحالي قبل أربعة مليارات سنة مع كوكب أورانس، ويشبه كوكب نبتون في تكوينه كوكبي زحل والمشتري، حيث يتكوّن بشكلٍ رئيسي من الهيدروجين والهيليوم إضافةً إلى مقدارٍ ضئيل من الهيدروكربونات، كما أنّه يحتوي أيضاً على النيتروجين، إلّا أنّه يختلف عن الكوكبين باحتوائه على نسبةٍ أعلى من الجليديات التي تُشكّلها كلّ من الماء، والأمونيا، والميثان، كما يتميّز الكوكب بأنّ باطنه يتكوّن من الصخور والجليد، وعليه اعتُبر هو وأورانس – الذي يُشبه كوكب نبتون في تكوينه- عملاقين جليديين.
إقرأ أيضا:كيفية صناعة الخلايا الشمسيةلا تُعتبر الطبقات الداخلية لكوكب نبتون مختلفةً عن بعضها ومميزة، كما أنّه يحتوي على نواة صخرية صغيرة تبلغ كتلتها تقريباً نفس كتلة كوكب الأرض، أمّا بالنسبة إلى قوة الجاذبية على سطح كوكب نبتون فإنّها تُمثّل حوالي 110% من قوة الجاذبية على سطح كوكب الأرض، فعلى الرغم من الفارق الكبير بين حجميّ الكوكبين إلّا أنّ طبيعة كوكب نبتون الغازيّة تجعله خفيفاً نسبةً إلى حجمه الهائل، كما تؤثّر طبيعته الغازية في تشكيل رياحٍ تُعتبر الأسرع في المجموعة الشمسية بأكملها، حيث تصل سرعتها إلى 2000 كم/ساعة، بالإضافة إلى تسبّبها بحدوث عواصف ودوّامات حول خطوط العرض للكوكب، ومن الجدير بالذكر أنّه رغم بعد كوكب نبتون عن الشمس إلّا أنّه يمتلك مصدراً داخلياً للحرارة يسمح له بأن يعكس أكثر من ضعفيّ الطاقة التي يستقبلها من الشمس.
المناخ والغلاف الجوي
يُشكّل الهيدروجين النسبة الأكبر من مكوّنات الغلاف الجوي لكوكب نبتون، بالإضافة إلى نسبٍ أقل من الهيليوم والميثان، ويُعتبر الغلاف الجوي للكوكب بارداً للغاية حيث يصل معدل درجة الحرارة فيه إلى 225 درجة مئوية تحت الصفر، بالإضافة إلى أنّه يتميّز بشدّة نشاطه، حيث تعتريه درجات حرارة مُتقلّبة، ورياح شديدة السرعة، كما تُغطّيه غيوم باردة تتميز بسرعة حركتها، وقد أثارت بعض الظواهر التي رصدتها مركبة فوياجر2 (Voyager II) على كوكب نبتون اهتمام العلماء، ومنها ما يأتي:
إقرأ أيضا:ما هو عدد الكواكب- السُحب السمحاقية (بالإنجليزية: Cirrus Clouds): هي سحب تتكوّن من بلورات الميثان الجليدية، وتمتاز بارتفاعها، وقد أُطلق على إحدى هذه السحب اسم (scooter)، حيث تميّزت بأنّها تدور حول الكوكب كلّ 16 ساعة.
- البقعة المظلمة العظيمة (بالإنجليزية: Great Dark Spot): على الرغم من أنّ أسلوب دورانها الإعصاريّ مختلف تماماً عن البقعة الحمراء العظيمة لكوكب المشتري، إلّا أنّ العلماء قد ظنّوا في أوّل الأمر بأنّها شبيهة بها، لكن بعد مراقبتها استنتجوا بأنّها ثقب في سطح سحابة الميثان شبيه بالثقب الموجود في طبقة الأوزون في كوكب الأرض، فحين انتهت مهمّة فوياجر 2، لاحظ العلماء من خلال تلسكوب هابل أنّها قد اختفت وظهرت بقعة مظلمة بيضاوية مختلفة في مكانٍ آخر، ممّا جعلها شديدة التناقض والاختلاف عن تلك البقعة الثابتة في كوكب المشتري.
المجال المغناطيسي
يُشبه المجال المغناطيسي لكوكب نبتون المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، لذا يُمكن تمثيله كشريط مغناطيسي ثنائي القطب، ولكنّ البوصلة المغناطيسية -على عكس كوكب الأرض- تُشير فيه باتجاه الجنوب وليس الشمال، كما يُعتبر المجال المغناطيسي لكوكب نبتون أقوى بحوالي 27 مرّةً مقارنةً بالمجال المغناطيسي لكوكب الأرض، ويميل محور المجال المغناطيسي لكوكب نبتون عن محوره الرئيسي بمقدار 47 درجةً، ممّا يؤدّي إلى تعرّض المجال المغناطيسي لتغيّراتٍ جامحةٍ عند كلّ دوران، حيث رصدت المركبة الفضائية فوياجر 2 حدوث ظاهرة شبيهة بالشفق القطبي (بالإنجليزية: Aurora) الذي يحدث على كوكب الأرض ولكنّها أكثر تعقيداً، حيث لا يقتصر الأمر فقط على الأقطاب المغناطيسية، إنّما يُمكن أن يتشكّل الشفق في مناطق واسعة من الكوكب؛ بسبب المجال المغناطيسي الغريب الذي يتمتع به.
إقرأ أيضا:كيف يتكون الهلالالحلقات
تمّ اكتشاف خمس حلقات رئيسية لكوكب نبتون على الأقل، يعتقد العلماء بأنّها لا تزال حديثةً نسبيّاً، وهي كالآتي:
- حلقة (Galle): وهي الحلقة الأقرب لكوكب نبتون، وتبعد عن مركزه حوالي 41,900 كم.
- حلقة (Leverrier): تبعد عن مركز الكوكب حوالي 53,200 كم.
- حلقة (Lassell): تبعد عن مركز الكوكب حوالي 55,400 كم.
- حلقة (Arago): تبعد عن مركز الكوكب حوالي 57,600 كم.
- حلقة (Adams): الحلقة الأبعد عن كوكب نبتون، حيث تبعد عنه حوالي 62,930 كم.
اكتُشفت كُتل غريبة من الغبار في نظام الحلقات لكوكب نبتون أُطلق عليها اسم (arcs)، أشهرها الأقواس الأربع التي تُكوِّن حلقة آدامز، وهي (Liberty)، و(Equality)، و(Fraternity)، و(Courage)، ووفقًا لقوانين الحركة كان يجب أن تنتشر هذه الكُتل بالتساوي حول الحلقة، إلّا أنّها عوضاً عن ذلك تجمّعت بالقرب من بعضها البعض، ويعتقد العلماء بأنّ السبب في ذلك يعود إلى تأثيرات الجاذبية لقمر غالاتيا.
الأقمار
يضم كوكب نبتون 14 قمراً تمّت تسميتها جميعها بأسماء آلهة وحوريّات أسطوريّة يونانيّة مرتبطة باسم كوكب نبتون الذي يعني إله البحار عند الرومان، أكبرها قمر ترايتون (Triton) الذي تمّ اكتشافه قبل اكتشاف الكوكب بسبعة عشر يوماً على يد العالم ويليام لاسيل عام 1846م، ويُعتبر ترايتون القمر الكبير الوحيد الذي يدور في مدار عكسي؛ أيّ عكس اتجاه دوران الكوكب الذي ينتمي إليه، والسبب المحتمل لذلك هو أنّ ترايتون ربما قد كان قمراً مستقلّاً قبل أن يجذبه كوكب نبتون، ويجدر بالذكر أنّ ترايتون بارد للغاية، حيث تصل برودته إلى 235 درجةً مئويةً تحت الصفر، ولكن من الغريب أنّ فوياجر 2 قد اكتشفت عليه نبعاً ساخناً يقذف المواد الجليدية إلى الأعلى لمسافةٍ تصل إلى ثمانية كيلومترات، بالإضافة إلى ذلك فإنّ المركبة قد وجدت أنّ الغلاف الجوي الرقيق لترايتون يزداد دفئاً مع الوقت دون معرفة السبب، أمّا بالنسبة لبقيّة أقمار كوكب نبتون، فهي كما يأتي:
- القمر نيريد (Nereid).
- القمر ناياد (Naiad).
- القمر ثالاسا (Thalassa).
- القمر ديسبينا (Despina).
- القمر غالاتيا (Galatea).
- القمر لاريسا (Larissa).
- القمر بروتيوس (Proteus).
- القمر هاليميد (Halimede).
- القمر ساميثي (Psamathe).
- القمر ساو (Sao).
- القمر لاوميديا (Laomedeia).
- القمر نيسو (Neso).
- القمر هيبّوكامب (Hippocamp).
تاريخ اكتشاف كوكب نبتون
تمّ رصد كوكب نبتون لأول مرّة بواسطة العالم الفلكي غاليليو غاليلي أثناء رصده للسماء بواسطة تيليسكوبه الصغير عام 1612م الذي اعتقد آنذاك أنّه نجم ثابت، وقد تطلّب الأمر مئتي عام حتّى اكتشف علماء الفلك أنّ نيبتون كوكب أثناء حساباتهم الرياضية عام 1846م، وفي نفس العام تمّ اكتشاف أكبر أقمار كوكب نبتون المعروف باسم تريتون (بالإنجليزية: Triton)، وفي عام 1983م استطاع المسبار (Pioneer 10) أن يجتاز مدار نبتون وهكذا اعتُبر أول جسم من صنع الإنسان يجتاز المجموعة الشمسية، وبعد مرور عام على ذلك استطاع العلماء إيجاد دليل على وجود نظام حلقات حول نبتون.
يُذكر أنّه في عام 1989م استطاعت المركبة الفضائية الأولى والوحيدة فوياجر 2 (Voyagar 2) أن تتخطّى كوكب نبتون بحوالي 4800 كيلومتر فوق قطبه الشمالي، وعليه تتابعت الاكتشافات، حيث تمّ اكتشاف أربعة أقمار لكوكب نبتون؛ وهي: هاليميد، وساو، ولاوميديا، ونيسو، ثمّ اكتُشف قمر ساميثي بواسطة تيليسكوبات أرضية بعد سنة من ذلك، ومن الجدير بالذكر أنّ كوكب نبتون قد أكمل أول دورة له حول الشمس في عام 2011م منذ أن تمّ اكتشافه، وقد تطلّبت 165 سنة.