لحياة الاجتماعية لأنواع النحل
يبلغ عدد أنواع النحل حول العالم ما يزيد عن 20 ألف نوع، إذ يعيش معظمهم بشكل منفرد، في حين يشكّل النحل الذي يعيش حياة اجتماعية أقلّ من 8% منهم، أمّا أنواع النحل التي تعيش داخل خلايا فلا تتجاوز نسبتها 3%، ويُصنّف هذا العدد الكبير من أنواع النحل إلى تسع فصائل، ربما يكون أشهرها فصيلة النحليات (بالإنجليزيّة: Apidae) التي تضمّ ثلاث مجموعات من النحل الاجتماعي، هي: مجموعة النحل غير اللاسع، ومجموعة نحل العسل، ومجموعة النحل الطنّان.
مملكة نحل العسل
تضمّ مجموعة نحل العسل (Honey Bees) عدّة أنواع من النحل، من أشهرها نحل العسل الأوروبي (الاسم العلمي: Apis mellifera)، بالإضافة إلى ثمانية أنواع أخرى تستوطن كلّاً من آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وتضمّ مملكة نحل العسل ثلاثة أنواع من الأفراد، هم: الملكة، والعاملات، والذكور.
ملكة النحل
تضمّ خلية نحل العسل في الظروف الطبيعية ملكة واحدة تنتج من بيضة مخصّبة مثلها في ذلك مثل العاملات، ولكنّها تتميّز عنها في نوعيّة الغذاء الذي تحصل عليه في مرحلة اليرقة، فهي تتغذّى على كمية وافرة من غذاء ملكات النحل، في حين تتغذّى اليرقات التي ستتطوّر لتصبح عاملات على كمية أقلّ من غذاء ملكات النحل، إلى جانب مزيج من العسل وحبوب اللقاح، وتتميّز الملكة بأنّها الأنثى الوحيدة المكتملة جنسياً في الخلية، والتي يمكنها التزاوج مع الذكور لإنتاج نوعين من البيوض، هي البيوض المخصّبة التي ينتج عنها الإناث، والبيوض غير المخصّبة التي ينتج عنها ذكور، أي أنّ الوظيفة الأساسية للملكة هي التكاثر ووضع البيض، فهي تضع ما يصل إلى 1,500 بيضة يومياً أثناء ذروة إنتاجها، أمّا الوظيفة الثانية لها فتتمثّل في إفراز الفيرمونات، وهي مواد كيميائية تساعد على إدارة وتنظيم الخلية، وتمنع تطوّر مبايض العاملات، كما تمنعهم من تربية ملكات جديدة.
إقرأ أيضا:لماذا سمي فرس النبي
العاملات
تتميّز العاملات بكونها أصغر أفراد خلية نحل العسل وأكثرهم عدداً، والنحلة العاملة أنثى لا يمكنها التزاوج، والتكاثر، ووضع البيض في الظروف الطبيعية، إلّا أنّها في الظروف الاستثنائية – أي عند افتقار مملكة النحل لوجود ملكة – قد تضع بيضاً غير مخصّب، والذي يفقس لينتج عنه ذكور، وتؤدّي العاملات جميع المهام التي يعتمد عليها بقاء الخلية، مثل:
- امتصاص الرحيق من الأزهار باستخدام لسانها الطويل، وجمع حبوب اللقاح باستخدام الشعر الريشي الذي يغطّي جسمها، ثمّ نقلها إلى الخلية عبر وضعها داخل سلال حبوب اللقاح الموجودة على أرجلها الخلفية.
- تحويل الرحيق إلى عسل.
- إفراز الشمع من غدد خاصّة توجد أسفل البطن، واستخدامه لبناء أقراص العسل.
- العناية بالملكة واليرقات، وإنتاج غذاء ملكات النحل اللّازم لتغذية الملكة واليرقات الصغيرة.
- تغطية الخلايا التي توجد فيها اليرقات االناضجة لتتمكّن من التحوّل لعذراء.
- حراسة الخلية ومهاجمة الدخلاء، وذلك باستخدام فكوكها القوية وإبرتها اللاسعة.
- تهوية الخلية.
- التخلّص من النحل الميت.
الذكور
يمكن تمييز ذكر نحل العسل عن العاملة بكونه أكبر حجماً وأكثر امتلاءً منها، كما أنّ قرون استشعاره أطول بقليل من قرون العاملة والملكة، أمّا أجزاء فمه فتكون مختزلة لا تمكّنه من جمع الرحيق وحبوب اللقاح، ولذلك فهو يعتمد على مخزون العسل في الخلية كمصدر للغذاء، أو قد ينتطر العاملات لتطعمه، ويمتلك ذكر نحل العسل عيوناً مركّبة كبيرة الحجم توجد أعلى رأسه، وذلك ليتمكّن من رصد الملكة أثناء الطيران للتزاوج معها، وهي الوظيفة الوحيدة التي يؤدّيها، فهو يقضي وقته ما بين الأكل، والرّاحة، والطيران إلى المواقع الخاصّة التي يتجمّع فيها الذكور انتظاراً لفرصة التزاوج مع الملكات.
إقرأ أيضا:معلومات عن الذبابة
النحل الطنّان
يعيش النحل الطنّان (بالإنجليزيّة: Bumble bees) ضمن مملكة شبيهة بمملكة نحل العسل، فهي تتكوّن من ملكة واحدة، والعديد من العاملات والذكور، إلّا أنّ دورة حياة مملكة النحل الطنّان تكون سنويّة – ليست معمّرة -، وتبدأ بظهور الملكة المخصّبة في فصل الربيع، إذ تبني عندها الملكة العشّ، وتزوّده بحبوب اللقاح والرحيق، كما تنتج الشمع من الغدد الخاصّة بذلك، ثمّ تضع الدفعة الأولى من البيض، والذي يكون بيضاً مخصّباً، وأثناء ذلك تحمي العش وتدافع عنه، وتعتني بالبيض الذي سيفقس إلى يرقات، والتي بدورها تتحوّل إلى عذارى، ثمّ عاملات، والتي تتوّلى فيما بعد مهامها المعتادة، كجمع الطعام، والدفاع عن العشّ، ورعاية الحضنة.
تبدأ ملكة النحل الطنّان في نهاية الصيف وبداية الخريف بوضع البيض غير المخصّب، والذي ينتج عنه الذكور، وفي هذه المرحلة تبدأ العاملات بتربية ملكات من البيض المخصّب، وعند ظهور الملكات الجدد يغادرن العشّ مع الذكور للتزاوج، وهنا يتوقّف إنتاج العاملات، وتموت الملكة المؤسّسة والعاملات، ولا يبقى إلّا الملكات حديثة التزاوج، ومع اقتراب فصل الشتاء تخزّن كلّ ملكة في جسمها كمية إضافية من الدهون، كما تتّخذ مكاناً مناسباً لها لقضاء فصل الشتاء فيه، والذي يكون غالباً في التربة، وذلك لحماية خلاياها وأعضائها من التجمّد، وفيما يأتي بعض الخصائص التي تميّز النحل الطنّان عن غيره:
إقرأ أيضا:الرخويات- يتكيّف للعيش في المناطق ذات الأجواء الباردة، وذلك بفضل الشعر الطويل والسميك الذي يغطّي جسمه.
- يبني أعشاشه في تجاويف الصخور، وبين الأخشاب المتساقطة.
- تتّصف مملكة النحل الطنّان ببنية اجتماعية بدائية نسبياً، فلا يوجد لديها نظام تواصل لإرشاد باقي أفراد الخلية إلى مواقع توفّر الغذاء، ولذلك تضطرّ العاملات المبتدئات لتعلّم جمع الطعام عن طريق التجربة والخطأ، وذلك على النقيض تماماً من نحل العسل الذي يمتلك نظام تخاطب متطوّر يشمل الرقص الذي تتمكّن من خلاله النحلة الكشّافة من إرشاد باقي العاملات إلى الاتّجاه والمسافة الواجب قطعها للوصول إلى مصدر الرحيق.
النحل غير اللاسع
يُعرف النحل غير اللاسع (بالإنجليزيّة: Stingless bees) بهذا الاسم لأنّ إابرة اللسع لديه أقلّ حجماً، ومن النادر أن يستخدمها للدفاع عن نفسه، ويضمّ النحل غير اللاسع ما يُقارب 300 نوع مختلف، يعيش معظمها في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، ويبني أعشاشه في تجاويف الأشجار وداخل الشقوق الصخرية، وفيما يأتي بعض من أهمّ خصائص النحل غير اللاسع:
- يتميّز بصغر حجمه، إذ يقلّ طول معظم أفراده عن 1سم، مع وجود القليل من أنواعه الشبيهة بنحل العسل الأوروبي من حيث الحجم.
- يشكّل مملكات معمّرة تتكوّن من ملكة واحدة، والعديد من العاملات والذكور، وتنتج كلّ من الملكة والعاملات من بيض مخصّب، في حين ينتج الذكور من بيض غير مخصّب تضعه العاملات عادةً.
- يتمكّن أفراد النحل غير اللاسع من التواصل فيما بينهم عن طريق الروائح، وإصدار أصوات اهتزازية منخفضة التردّد لإرشاد باقي أفراد الخلية لمواقع وجود الرحيق.