مؤلّفات طه حسين
اعتنى طه حسين في فترة صباه بالأدب اليونانيّ وله بعض الكُتب المُترجمة فيه، ومنها كتاب” نظام الأثينيين لأرسطو”، وكتاب “آلهة اليونان”، وكتاب “صُحف مختارة من الشِّعر التّمثيليّ عند اليونان”، وله كذلك كتاب “فسلفة ابن خلدون” الذي كان عبارة عن رسالة الدّكتوراة الخاصّة به عند دراسته في جامعة سوربون، وكانت الرِّسالة بالفرنسيّة ثمّ ترجمها لاحقاً الكاتب محمّد عبد الله عنان إلى الّلغة العربيّة، وبذلك أصبح النّاس مُقبلين على كُتب طه حسين كثيراً، وفيما يلي نذكر مؤلّفّاته:
في الأدب الجاهليّ
يتناول هذا الكتاب في طبعته الأولى الصّادرة عام 1926م العديد من القضايا بصورة مُختلفة وجديدة، ومنها القضايا الأدبيّة، والنّقديّة، والفِكريّة، بالإضافة إلى القضايا الحضاريّة، والسّياسيّة، والفلسفيّة، وقد بنى طه حسين كتابه هذا على أسلوب ذهنيّ عقليّ، وبعد سنة من تأليفه قام بإعادة طِباعته تحت اسم “في الأدب الجاهليّ”، وذلك بحكم أنّ هذا الأدب هو أقدم الأنواع عند العرب، كما حرص من خلاله التّاكيد على أهميّة دراسة الأدب باتّباع أسلوب الشّك لديكارت.
من الجدير بالذِّكر أنّ كتاب طه حسين “في الشِّعر الجاهليّ” لقي نقداً كثيراً من الرّافضين لحملة التّجديد التي نادى بها طه حسين، ولما تميّز به من فِكر علميّ مُختلف آنذاك، وهذا ما أوجد العديد من المُناظرات النّقديّة حول هذا المُصنّف، ممّا أدّى إلى اختفائه مُدّة كبيرة تُقدّر بأكثر من نِصف قرن، ولكنْ مع التّطورات التي حصلت في مجال البحث العلميّ، تمّ إعادة الكِتاب لمكانته القيّمة، وردّ الاعتبار كذلك لمؤلّفه طه حسين، ويجب الإشارة أنّه مع ذلك لم يتوانَ عميد الأدب في الدّفاع عن حريّة التّعبير في حياته حتّى مماته.
إقرأ أيضا:حكايات ألف ليلة وليلةالأيّام
يستعرض هذا الكتاب السّيرة الذّاتيّة لطه حسين، وقد نشره بداية في مجلّة الهلال على هيئة فصول مُتفرّقة، وفي عام 1929م نشر الجزء الأول منه كاملاً،[٣] كما يتناول هذا الكتاب تعاقب الأحداث على طه حسين من خروجه من الرّيف إلى الأزهر؛ طلباً للعلم الشّرعيّ، ومروره بالجامعة المِصريّة التي ابتعثته إلى فرنسا وحتّى عودته إلى مِصر حاملاً من ثقافة الغرب ما يكفي ليقوم بتدريسه أبناء بلده، لذلك يُعدّ هذا الكتاب بمثابة الدّراسة للوضع الاجتماعيّ المِصريّ في القرن العشرين، ممّا يجعله يحمل تجاربَ صالحة لتدريس الجيل القادم.
مع أبي العلاء في سجنه
يتمثّل هذا الكتاب في كونه دراسة نقديّة قدّمها طه حسين على نحو أشار من خلاله إلى تشابه الأحداث التي مرّ بها أبو العلاء المعرّي مع الأحداث التي مرّ بها هو، فذكر فيه أنّهما من عصور مُختلفة إلّا أنّ هناك تشابه في الظّروف الحياتيّة، وطريقة التّفكير لديهما، فكلاهما يتأمّلان الطّبيعة وعوالمها، وكلاهما يغوصان في بحور الشّك عند التّفكير، بالإضافة إلى تفرّد شخصيّاتهما في إيجاد عالم جديد خاصّ، لا يعرف دقائقه سواهما، ويجب الإشارة إلى أنّ هناك العديد من الكُتب، والدّراسات التي كُتبت في حياة المعرِّي وفلسفته، لكنّ طه حسين اختلف عن الدّارسين والنّاقدين لأدب المعرِّي في انقسامهم بين مُؤيّدين له باعتباره أحد أعلام الفِكر التّحرُّريّ وبين من يُخالفه، أمّا طه حسين فلم يتناول سيرة المعرِّي بتحليلها وتحليل أفكاره وفلسفته بعمق إنّما جعل من هذا الكتاب استعراضاً نقديّاً لشخصيّتين تشتركان في الظّروف نفسها.
إقرأ أيضا:تفسير حلم كتب الكتابحديث الأربعاء
يقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء كانت قد نُشرت سابقاً بشكل مُتفرّق في الصّحف كلّ يوم أربعاء؛ لينتفع النّاس بها، وكانت الأجزاء عبارة عن مجموعة من المقالات التي تُعنى في الشِّعر العربيّ، فالجزء الأول نُشر عام 1925م، والثّاني في عام 1926م، وكلاهما نُشرا في صحيفة السّياسة، بينما الجزء الثّالث نُشر عام 1945م في صحيفة الجهاد، ثمّ جُمعت معاً تحت عنوان “حديث الأربعاء”، ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذا الكتاب بمثابة المُدوّنة للأدب العربيّ، وذلك من عصر الجاهليّة إلى العصر الحديث، كما أنّ طه حسين استعرض فيه الحديث عن بعض الشّعراء في ثلاثة مراحل أدبيّة، وهي الجاهليّة، والأمويّة، والعبّاسيّة، كما تطرّق لذكر جوانب الفنّ في أدبهم، بالإضافة إلى تحليل أشعاراهم وشرحها، وإظهار مواطن الفنّ فيها.
تحدّث طه حسين عن الأدب القديم ناقداً فيه بعض عصوره، وشُعرائه، وأشار في هذا إلى عدم اهتمامه بأفكار من قبله، مُعلّلاً أنّ النّقد العلميّ وجب أن لا تُحرِّكه العاطفة، فأكّد من خلال فصول كتابه هذه أنّ الأدب القديم لا يُقدّس، وأنّ أصحابه وأقوالهم لا يُشترط أن يُؤخذ بها، بل إنّما المُخالفة لهم، واعتراضهم حقّ، ويجب الإشارة إلى أنّ طه حسين عَمَد في فصوله هذه إلى تأكيد فكرة التّجديد في الأدب العربيّ مع الحِفاظ -في نفس الوقت- على التّراث القديم، بالإضافة إلى الأخذ من الآداب الأخرى، وكان قد أشار إلى أهميّة هذه الفصول تحديداً في مُقدّمة كتابه هذا؛ لتوضيحها بعض الإشكالات التي لم تكن واضحة في الأدب العربيّ، مع إظهار القيمة الأدبية الكبيرة لها، وأنّها تحوي كنزاً يجهله الكثيرون.
إقرأ أيضا:أول من كتب بالقلمقادة الفِكر
يستعرض طه حسين في هذا الكتاب الذي نشره عام 1925م التّطور في فِكر وثقافة الغرب ضمن مراحل أربعة، ويُفصّلها على نحو متتالٍ، وأولّها مرحلة (هوميروس)، وهي مرحلة الشِّعر، ثمّ مرحلة (سُقراط، وأفلاطون، وأرسططاليس)، وهي مرحلة الفلسفة، تليها مرحلة (الإسكندر الأكبر)، وهي مرحلة السّياسة، ويختم بالمرحلة الدّينيّة المُتمثّلة بالإسلام والمسيحيّة.
في الصّيف
هو مجموعة من الرّسائل التي قام الأديب طه حسين بكتابتها مُتحدّثاً عن أوروبّا أثناء رحلته صّيفاً عام 1928م، وتناول هذا الكتاب وصفاً لرحلته في البحر، والأثر الذي تركته في نفسه، كما سرد ذكرياته لرحلته الأولى إلى فرنسا، بالإضافة إلى تطرّقه إلى ذكرياته في الأزهر وشبابه الذي قضاه برفقة أصدقائه، وهم ينتهجون نهج محمّد عبده في الحركة التّحرُّريّة العقليّة، ونُشر هذا المُصنّف بعد أربعة أعوام من رحلته عام 1932م.
لحظات
يُعتبر هذا الكتاب بالنّسبة لطه حسين وسيلة لتحقيق حالة من الاندماج بين الشّرق والغرب، فقد دوّن فيه الّلحظات الأدبيّة التي عاشها أيّام شبابه بين الأدباء في الغرب، وبين القُرّاء في الشّرق، كما حرص طه حسين من خلال هذا الكتاب على عرض العديد من الآثار الأدبيّة الغربيّة على القُرّاء العرب؛ لإيجاد رابطة بين العقول الشّرقيّة والغربيّة، ويجب الإشارة إلى أنّ طه حسين رأى أنّه إذا تمّ تناول هذا الكتاب من قِبل القُرّاء عن فهم، ستكون هناك نتائج رهيبة تُفضي إلى إيجاد الطّريق لنشر المودّة، والتّعاون بين الشّعب العربيّ، والغربيّ، لذلك كان يترقّب أثرها دائماً، وأُصدر هذا المُصنّف في شهر حُزيران من عام 1942م.
رواية دعاء الكروان
هي رواية كتبها عميد الأدب طه حسين يصف فيها حال المرأة المهضوم حقّها، فقد قدّم قصّة تُحاكي الواقع، لذلك بقي أثر هذه الرّواية حتّى الآن؛ لما تعرضه من معاناة المرأة في المجتمعات المُعاصرة، وتتمثّل الرّواية في قصّة فتاة اسمها “آمنة”، وهي فتاة ريفيّة صاحبة حال بسيطة، وصف فيها حالة الفقد والتّرحال التي مرّت بها، ثمّ استعرض بعدها مظاهر الانتهاكات التي بُليت فيها، بالإضافة إلى ذكره الأفعال المُستحيلة التي قد يلجأ إليها الإنسان للانتقام أو الثّأر، ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذه الرّواية استطحبت اسم “الكروان”، كناية عن طائر الكروان، فيصف تغريد هذا الطّائر بأنّه ما هو إلّا صرخات القهر الذي يعيشه، والظّلم الذي يتعرّض له.
يجب الإشارة إلى أنّه تم إصدار فلم سينمائيّ منقول عن هذه الرّواية، وقد حصل على إقبال كبير من قِبل النّاس، وهذا كلّه يرجع لما أوجده الأديب طه حسين في هذه القصّة من تحليل تفصيليّ للنّفس الإنسانيّة وهي تُصارع أمورها الخفيّة، وذلك باستعراض صراعات عقل الإنسان وضميره مع عاطفته وهواه، كما استطاع من خلال هذا العمل الأدبيّ وشخصيّاته تصوير الأخلاق ومبادئها، ليُحدث بهذه الرّواية حالة من التّأثير الكبير في نفوس قارئيها.
الكتب القصصيّة
قام طه حسين بنشر العديد من القصص الأدبيّة، ومنها جنّة الشّوك الذي قام بتأليفه عام 1956م، وقد وضع فيه 150 مقطوعة نّثريّة ناقدة للحياة المُعاصرة وما يحدث فيها، من ابتعاد عن الأخلاق، واختلاف واختلاط في الآراء، بالإضافة إلى تفكّك العلاقات الاجتماعيّة، ويدعو طه حسين إلى الإصلاح في أمور العصر الحديث الذي يُسمّى “عصر السُّرعة” بازدحامه وتنوّعه، لذلك يستحضر النّصوص فيها بشكل مُوجز وقصير؛ ليكون مُلائماً لما يتناوله في حديثه عن قِصر الوقت، فيَخلق في نصوصه هذه حالة من الأدب الرّفيع الذي يصحب عقل قارئه، وقلبه سريعاً مع دقيق الكلام وخفيفه ومُوجزه، فيُساهم في تغذيتهما معاً.
من الجدير بالذِّكر أنّ طه حسين ذكر أنّ هذا النّوع من الفنّ الأدبيّ كان قد بدأ منظوماً بوزن وقافية، وأنّ هذه البداية كانت في الأدب اليونانيّ في الإسكندريّة، والأدب اللاتينيّ، وغيرها.ويجب الإشارة إلى أنّ “جنّة الشّوك” قد نُشرت لأولّ مرة عام 1945، كما أنّ هناك أعمال أدبيّة قصصيّة أخرى لطه حسين، ومنها “شجرة البؤس” التي تمّ تأليفها عام 1944م، و”المُعذّبون في الأرض” التي أُلّفت عما 1949م.
مؤلّفات أخرى
هي كالآتي:
- آراء حرة، وهو عمل مشترك مع الكاتبين محمد كرد علي، وعلي مصطفى مشرفة.
- الحياة، والحياة الفكريّة في بريطانيا، وهو عمل مشترك مع ثلاثة كُتّاب غيره، وهم: أحمد محمّد حسنين باشا، وعلي مصطفى مشرفة، وحافظ عفيفيّ.
- أحاديث.
- أحلام شهرزاد.
- أديب.
- ألوان.
- الحبّ الضّائع.
- الشيخان.
- الفتنة الكبرى (عثمان).
- الفتنة الكبرى (علي وبنوه).
- الوعد الحقّ.
- بين بين.
- تجديد ذكرى أبي العلاء.
- تقليد وتجديد.
- جنّة الحيوان.
- حافظ وشوقيّ.
- خصام ونقد.
- صوت أبي العلاء.
- صوت باريس.
- على هامش السيرة.
- فصول في الأدب والنّقد.
- ما وراء النهر.
- مدرسة الزّواج.
- مرآة الإسلام.
- مرآة الضّمير الحديث.
- مستقبل الثّقافة في مِصر.
- مع المُتنبّي.
- من أدب التّمثيل الغربيّ.
- من أدبنا المُعاصر.
- من حديث الشِّعر والنّثر.
- من لغو الصّيف.
- من هُناك.
- آلهة اليونان، صدر عام 1919م، ويتضمّن مُلخصاً لمحاضرات طه حسين عن الديانة الإغريقيّة.
- صحف من الشِّعر التّمثيليّ عند اليونان 1920م.
- من بعيد، وهي رسائل كتبها طه حسين في فترة (1923-1926)م.
- نقد وإصلاح، وصدر هذا الكتاب عام 1956م، وهو عبارة عن مجموعة من مقالات لطه حسين كان قد نشرها في صحيفة الجمهوريّة.
الكتب المُترجمة من طه حسين
فيما يلي الكُتب التي قام الأديب طه حسين بترجمتها:
- نظام الأثينيين، لأرسطوطاليس، وقد صدر عام 1921م.
- أندرو ماك، لجان راسين.
- زديج، لفولتير.
- من الأدب التّمثيليّ اليونانيّ، لسوفوكليس.
- روح التّربية، لغوستاف لوبون.
- أوديب وثيسيوس، من أبطال الأساطير اليونانية، لأندريه جيد.
مكانة طه حسين الأدبيّة وبواكيره في الكتابة
كانت البدايات الكتابيّة لطه حسين متمثّلة في الشِّعر، ففي بداية عام 1908م نُشرت له أولّ قصيدة في الجريدة التي كان الكاتب أحمد لُطفي السّيد مُشرفاً عليها، وكانت القصيدة في رِثاء والد صديقيه، وهما مُصطفى وعلي عبد الرّزاق، وهو “حسن عبد الرّزاق باشا”، كما عاصر طه حسين مذهبين مُختلفين في الأدب، وصاحبا هذان المذهبان هما أحمد لطفي السّيد، الذي اشتهر بترجمته لكتابات أرسطو إلى الّلغة العربيّة، والثّاني هو عبد العزيز جاويش.
من الجدير بالذِّكر أنّ الكاتبين حمدي السّكوت، ومارسدن جونز ذكرا في كتابهما “أعلام الأدب المُعاصر” أنّ آخر رحلات طه حسين في الصّحافة كانت في عام 1965م، بالإضافة إلى الكتابات الأخرى المُتفرّقة لاحقاً، كما كانت آخر مُصنّفاته الأدبيّة قد صدرت في بيروت عام 1967م، وهما “كلمات”، و”خواطر”، ويتناولان مقالات تمّ ذِكرها سابقاً في فترة (1960-1965)م، وكانت قد نُشرت في جريدة “الجمهوريّة”، وجريدة “أخبار اليوم”،[١٤] كما يجب الإشارة إلى أنّ طه حسين كان في أولّ حياته مُلتحقاً في الأزهر، وهذا في فترة (1902- 1908)م، ثمّ التحق بعدها في الجامعة المِصريّة القديمة، وكان أولّ الحاصلين فيها على شهادة الدّكتوراه، وذلك عن كتابه “ذِكرى أبي العلاء” في عام 1914م، ثمّ سافر إلى باريس في بعثة لجامعة سوربون عام 1918م، حتّى تخرّج منها، إلّا أنّه عاد إلى مِصر بعد ذلك، فعمل في الصّحافة، كما تمّ تعيينه في كُليّة الآداب لجامعة القاهرة كمُحاضر فيها، ثمّ أصبح عميداً لنفس الكُليّة لاحاقاً، وبعدها وزيراً للمعارف، ويجب الإشارة إلى أنّه أثناء تواجده في القطاع التّعليميّ، عمل على جعل التّعليم الثّانويّ، والفنيّ مجانيّاً، بالإضافة إلى أنّه كان عضواً في المجمع العلميّ العربيّ للمراسلين، في مدينة دمشق، وأصبح بعدها رئيساً لمجمع الّلغة في مِصر.
التّعريف بطه حسين
طه حسين هو أحد أعلام الأدب المُعاصر، فهو الأديب المِصريّ والمُفكّر، وأحد أعظم أعلام الحركة الفِكريّة والفلسفيّة الحديثة المُسمّاة بحركة التّنوير، وحصل طه حسين على لقلب “عميد الأدب العربيّ” لإنشائه مشروعاً مُتكاملاً يُخاطب الأدب الفِكريّ، وخلال رحلته الفِكريّة هذه واجه العديد من التّحدّيات النّقديّة وغيرها من أشكال المُصادرة لأعماله، كما أنّه يُعدّ صاحب بصيرة بارزة رُغم فقده نعمة البصر في صِغره، ووُلد طه حسين في الرّابع عشر من شهر تشرين الثّاني لعام 1889م، تحديداً في منطقة “عزبة الكيلو 2” الواقعة على بُعد مسافة لا تقلّ عن كيلومتر من مدينة مغاغة الموجودة في مُحافظة المينا التي تقع وسط صعيد مِصر، ومن الجدير بالذِّكر أنّ والده هو الشّيخ “حسين علي”، والذي كان عاملاً في شركة السُّكر آنذاك، وكان قد اتّخذ من الفرقة الصّوفيّة نهجاً له في حياته، أمّا أمّه فهي “رُقيّة موسى مُحمّد”، وهي الزّوجة الثّانية لحسين بعد وفاة زوجته الأولى بمرض.
خلّف طه حسين بعد وفاته إرثاً أدبيّاً قيّماً يُقدّر بأكثر من ثلاثمئة وثمانين كتاباً في مجال الأدب والنّقد، وغيرها من الأعمال الأدبيّة التي تميّزت بطابع خاصّ في الكتابة والعرض، ممّا جعل النّقاد والباحثين في سيرته مُتأمّلين أفكاره، ونهجه، وآرائه النّقديّة، والأدبيّة، والفِكريّة، والفلسفيّة على اختلافها، وذلك ممّا عاصره طه حسين في مختلف القضايا، ليكشفوا لاحقاً عن السّيرة الذّاتيّة الخاصّة به، ومن الجدير بالذِّكر أنّ طه حسين اعتنى بالفِكر الفرنسيّ أثناء دراسته لدرجة يعتقد القارئ فيها أنّ كتاباته في الفِكر الفرنسيّ هي كتابات تصدر من كاتب فِكره، وعقله، وثقافته، وشُعوره فرنسيّ بحت، كما أنّ فترة ما قبل عام 1919م هي بالنّسبة لطه حسين فترة إنشاء لعلمه، فقد درس في الأزهر التّراث العربيّ والإسلاميّ، ثمّ درسّه العديد من المُستشرقين الجامعة القديمة.
توسّعت مدارك طه حسين بعد ذلك إلى فرنسا بثقافاتها الأوروبيّة المتنوعة وانفتاحه بشكل أوسع بالمُستشرقين وبيئتهم، لكنّه رغم ذلك بقي مُتّصلاً بالحياة والثّقافة المِصريّة؛ فكان يكتب في الصُّحف المعاصرة، وكانت كتابته لم تصل إلى ذلك النّضح الأدبيّ، إلّا أنّه بعد عودته إلى مِصر وضع جُلّ اهتمامه في التّدريس والكتابة، فأصبح إسهامه في الأدب واضحاً، وامتلك حينها الرّأي والفِكر، وكان ذلك بعد عام 1919م،