الورق
يُعدّ الورق المادة الأساسية المستخدمة في التواصل الكتابي، إذ إنّه جزء لا غنى عنه في الحياة اليومية، حيث لا يقتصر استخدام الورق على ذلك فحسب، بل يستخدم في التغليف، والعزل، والتعبئة أيضاً، وغيرها من الاستخدامات المختلفة، ويُعد الورق شبكة مرنة تتكون من ألياف متصلة، ومضغوطة، حيث تأتي هذه الألياف من مصادر عدة منها خرق القماش، وألياف السليلوز الموجودة في النباتات، والأشجار، ويوفَّر نصف هذه الألياف في وقتنا الحالي من الخشب الذي حُصد لهذا الغرض، أما النصف الآخر منه، فيتم توفيره من مصادر عدة منها: ألياف الخشب المأخوذة من مصانع النشارة، والصحف، والقماش المُعاد تدويره، وبعض المواد النباتية.
من الجدير بالذكر أن هناك أنواع من الأشجار تناسب بخصائصها تصنيع الورق أكثر من غيرها، ومن أمثلتها الأشجار الصنوبرية، إذ إنّ ألياف السليلوز الموجودة في لب هذه الأشجار طويلة؛ مما يشكل ورقاً أقوى بعد تصنيعه، بالإضافة إلى أن هناك نباتات أخرى غير الأشجار يتم استخدامها في صناعة الورق بسبب عدم توفر الأشجار في المناطق التي لا توجد فيها غابات كبيرة، ومنها: الخيزران، والقش، وقصب السكر، ومع زيادة الطلب على الورق، وتطور آليات تصنيعه أصبح استخدام أي نوع من الأشجار في تصنيع الورق أمراً ممكناً.
صناعة الورق قديماً
بدأت صناعة الورق منذ العصور القديمة، حيث تم اختراع الورق في الصين على يد الصيني تساي لون، وقد كانت الورقة الأولى مصنوعة من ألياف نباتية متآكلة، واستمرت صناعة الورق بالانتشار، والتطور حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، فقد كان تصنيع الأوراق في الماضي يتم بإزالة الطبقات الليفية الموجودة في جذع النبات، ووضعها بجانب بعضها بشكل متعامد مع مجموعة أخرى من الطبقات التي تم ترتيبها بنفس الطريقة، لترطب جميعها، وتضغط، وتجفف، حتى تقوم عصارة النبات (بالإنجليزية: Gluelike) بعد ذلك بإلصاقها ببعضها البعض، حيث تعمل كمادة طبيعية لاصقة.
إقرأ أيضا:صناعة النسيجصناعة الورق حديثاً
استمر العالم بصناعة الورق يدوياً، حتى اخترعت أول آلة لصنع الورق على يد لويس روبرت، والتي سهلت عملية صنع الورق، وتعمل هذه الآلة من خلال مرحلتين رئيسيتين هما: معالجة المواد الخام، وصناعة صفيحة الورق في آلة فوردينير (بالإنجليزية: Fourdrinier) حيث تلخص طريقة عملها بما يأتي:
- مرحلة معالجة المواد الخام: تتضمن هذه المرحلة تحويل رقائق الخشب إلى لب (بالإنجليزية: Pulp)، حيث يعد اللب هو المادة الخام لصناعة الورق، والذي يتم تصنيعه بطريقتين:
- اللب الكيميائي (بالإنجليزية: Chemical Pulping): تعد هذه الطريقة هي الأكفأ لإنتاج ورق عالي الجودة، حيث تتطهى قطع الخشب مع المواد الكيميائية، لإزالة اللجنين (بالإنجليزية: Lignin)، لتحول في مرحلة لاحقة إلى ألياف تغسل، وتبيض حتى تصل إلى شكلها النهائي.
- اللب الميكانيكي (بالإنجليزية: Mechanical Pulping): تقوم هذه الطريقة على طحن القطع الخشبية تحت تيار من الماء، حيث يتم فصل اللحاء عن القطع الخشبية، ثم تقطع هذه القطع إلى قطع أصغر قبل أن تحول إلى ألياف. تتضمن هذه المرحلة تبييض الورق أيضاً، إذ يعد تبييض الورق مهماً لأغراض الكتابة، حيث يزال فيه لون اللجنين الداكن بتبييض اللب باستخدام تقنيات تبييض الأكسجين، بالإضافة إلى التكرير، والضرب، والتحجيم، وتلوين الألياف التي تتم في هذه المرحلة أيضاً.
- مرحلة صناعة صفيحة الورق في آلة فوردينير: يتم في هذه المرحلة تشكيل الألياف لإنتاج أنواع مختلفة من الورق، حيث يتدفق اللب إلى آلة فوردينير، ليخضع بعدها لعدة عمليات ينتج عنها تكوين صفيحة ورقية من الألياف، والتي تتعرض للشفط، والتجفيف لتقليل الرطوبة فيها، يلي ذلك عملية الصقل (بالإنجليزية: Calendering)، والتي تهدف إلى تعزيز الخواص الفيزيائية، والميكانيكية للورق، وأخيراً يتم لف صفحات الورق المصنعة في لفات كبيرة لشحنها.
خصائص الورق المصنّع
تلعب الخصائص الفيزيائية، والميكانيكية دوراً كبيراً في تحديد جودة الورق المصنّع، ومن الخصائص الميكانيكية التي تحدد ذلك قوة الشد، وقوة الضغط، والانحناء، والصلابة، أما الشفافية، والسطوع، وقياس الضوء الذي يمر عبر الورقة، وغيرها فهي من الخصائص الفيزيائية التي تؤثر على جودة الطباعة الإجمالية، فيجب مثلاً أن يكون سطح الورقة المصّنعة لأغراض الطباعة ناعماً بدرجة كافية لنقل الحبر بشكل صحيح.
إقرأ أيضا:أنواع الخشب الطبيعيإعادة تدوير الورق
يساعد إعادة التدوير على الحد من استنزاف الموارد الطبيعية للأرض، لما له من أثر في خفض نسبة التلوث من خلال توفير تكاليف تصنيع مواد جديدة، بالإضافة إلى خفض نسبة الملوثات التي تطلقها المصانع في الهواء إثر ذلك، فعملية إعادة تدوير الورق على سبيل المثال تقلل من تلوث الهواء بنسبة 73%، وتقلل أيضاً من تلوث المياه بنسبة 35%، وفق دراسة أجرتها جامعة وسط أوكلاهوما. إلا أن عملية إعادة التدوير هذه تتطلب أن يكون الورق نظيفاً، وخالياً من أي ملوثات أخرى كالطعام، والبلاستيك، والمعادن، وغيرها من الملوثات التي تجعل عملية التدوير صعبة؛ حيث يسلم الورق المراد إعادة تدويره للمعمل ليتم لفه، وجمعه بالآلات، ثم فرزه حسب تصنيفات معينة، وتخزينه، لتبدأ بعدها معالجته، وإعادة تدويره كما سبق. أما في حال كان الورق ملوثاً فإنه يحرق، أو يحوّل إلى سماد، دون أن يستفاد منه في عملية التدوير، ويعد الورق مادة سهلة التدوير؛ إذ إنه لا يحتاج لحرارة شديدة لإذابته، وتحويله إلى شكل جديد، على خلاف البلاستيك، والمعادن، إلا أن ذلك لا يعني عدم حاجته إلى طاقة، ومياه لازمتين لإتمام عملية إعادة التدوير، ومن الجدير بالذكر أن الورق لا يمكن إعادة تدويره مرات عدة، إذ إن الألياف الصغيرة تلتصق ببعضها البعض فتصبح صغيرة جداً، بسبب تكرار عملية المعاجة، مما يدفع المصانع لإضافة بعض اللب الجديد لكل دفعة من الورق المعاد تدويره لجعله أقوى، ومع هذا كله لا تزال المواد المستخدمة لصنع الورق مواد خام جديدة، حيث أن ثلثي ما نستخدمه لصنع الورق يأتي من الأشجار.
إقرأ أيضا:الصناعات في قطر