التلوث البيئي

موضوع عن البيئة

نظرة عامة حول البيئة

يمكن تعريف البيئة بأنها كل ما يُحيط بالإنسان ويؤثر على قدرته على العيش على الأرض، ويشمل ذلك الهواء، والمياه، والنباتات، والحيوانات، وغير ذلك الكثير مما تحتويه البيئة، ويُعرَّف بورينج (Boring) بيئة الشخص بأنها مجموع المحفِّزات التي يتلقاها منذ بداية نشأته وحتى وفاته، وذلك يعني أن البيئة تشمل بشكل عام جميع أنواع القوى، والمؤثرات، والظروف الفيزيائية، والفكرية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والأخلاقية، والعاطفية وفق تعريف دوغلاس وهولند (Douglas & Holland)؛ حيث يُستخدم مصطلح البيئة وفق ذلك التعريف لوصف جميع القوى الخارجية، والظروف والمؤثرات التي تؤثر على طبيعة حياة الكائنات الحية، وسلوكها، ونموّها، وتطوّرها.

تتكوّن البيئة الطبيعية من أربعة أنظمة مترابطة فيما بينها، وهي: الغلاف الجوي (Atmosphere)، والغلاف المائي (Hydrosphere)، والغلاف الصخري (Lithosphere)، والغلاف الحيوي (Biosphere)، وتتغير هذه الأنظمة بشكل مستمر بحيث تتأثر بالأنشطة البشرية وتؤثّر عليها، وتضم عناصر تترابط فيما بينها مجتمعةً أو على مستوى فردي، والتي تكون إمّا عناصر مادية غير حيوية، وهي التي تحدد الخصائص المتغيرة لموطن البشر؛ مثل: الحيز المكاني، والتضاريس، والمساحات المائية، والمناخ، والتربة، والصخور، والمعادن، أو عناصر حيوية وبيولوجية تشمل كلّ ما يكوّن الغلاف الحيوي من إنسان، ونباتات، وحيوانات، وكائنات حية دقيقة، وهناك أيضاً سمات من صنع الإنسان وهي التي تُعرف بالعناصر الثقافية، وتشمل العناصر الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية.

أقسام البيئة بشكل عام

تنقسم البيئة بحسب عناصرها إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي: العناصر الحيوية، والعناصر غير الحيوية، والعناصر الثقافية.

إقرأ أيضا:نصائح للمحافظة على الماء

العناصر الحيوية

تُشير العناصر الحيوية (بالانجليزية: Biotic) إلى المكون البيولوجي للنظام البيئي، والذي يشمل جميع الكائنات الحية من إنسان، ونبات، وحيوان، وكائنات حية دقيقة، ويُقسم المكون الحيوي إلى ثلاث مجموعات؛ وهي:

  • المنتِجات: (بالإنجليزية: Producers)، وهي الكائنات الحية القادرة على إنتاج المواد العضوية التي تحتاجها كمصدر للطاقة والغذاء من خلال عملية البناء الضوئي، باستخدام أشعة الشمس وثاني أكسيد الكربون فقط، مثل: النباتات والعوالق النباتية (Phytoplankton).
  • المستهلكات: (بالإنجليزية: Consumers)، وهي كائنات حية تعتمد في غذائها على المواد العضوية المصَّنعة من قبل المنتجات، وتشمل الحيوانات بمختلف أحجامها بدءاً من المفترسات الكبيرة إلى الطفيليات الصغيرة، وبعض المستهلكات أولية تعتمد بشكل مباشر على المنتِجات في غذائها مثل الحيوانات آكلات الأعشاب، وبعضها مستهلِكات ثانوية تعتمد في غذائها على المستهلكات الأولية مثل آكلات اللحوم.
  • المحللات: (بالإنجليزية: Decomposers)، وهي التي تعتمد على الكائنات الميتة من أجل البقاء والحصول على الطاقة، حيث تحلّل المواد التي تطلقها النباتات والكائنات الحية المستهلكة إلى عناصرها الأصلية (كربون، وأكسجين، وهيدروجين، ونيتروجين، وكبريت وفسفور) مما يساهم في الحفاظ على دورة هذه العناصر في النظام البيئي، وتشمل المحللات: الفطريات، والبكتيريا، والخميرة، ومجموعة متنوعة من الديدان، والحشرات، والحيوانات الصغيرة الأخرى.

العناصر غير الحيوية

تتمثل الوظيفة الأهم للعوامل غير الحيوية (بالانجليزية: Abiotic) بضمان تدفق الطاقة اللازمة للحفاظ على جميع الكائنات الحية، وهي تتمثل بالعوامل الفيزيائية التي تؤثر على الكائن الحي وتزوّده بالجزيئات اللازمة لوظائفه الحياتية، مثل: الكربون، والنيتروجين، والفسفور، وجزيئات الماء، والتي تحصل عليها الكائنات الحية عن طريق الغذاء أو من خلال عملية البناء الضوئي، كما تشمل العناصر غير الحيوية عوامل فيزيائية أخرى، مثل: المناخ، ودرجة الحرارة، وهطول الأمطار والثلوج، وأنواع التربة المختلفة (رملية أو طينية، جافة أو رطبة، خصبة أو قاحلة).

إقرأ أيضا:حلول لمشكلة تلوث الهواء

تؤدّي المكونات غير الحيوية في النظام البيئي وظائف مهمة؛ فهي تزوّد الكائنات الحية بالماء والأكسجين، وتعمل بمثابة مخزن للعناصر الستة الأكثر أهمية للحياة (الكربون، والهيدروجين، والأكسجين، والنيتروجين، والكبريت، والفسفور) حيث تشكل هذه العناصر 95% من أجسام الكائنات الحية، ولأن كمية هذه العناصر ثابتة على الأرض فهي تساعد على استمرار وجود العوامل غير الحيوية في النظام البيئي من خلال عمليات إعادة التدوير لهذه العناصر الضرورية.

العناصر الثقافية

يؤثّر التفاعل البشري مع البيئة أيضاً على النظام البيئي، وتعتبر خطوات التطور التي حققها الإنسان في طريقه للتقدم المسؤولة عن تحديد ثقافته كطريقة للحياة، ومن العوامل التي تؤثر في تشكل هذه الثقافة أيضاً: الفهم الديني، والضغوطات الاقتصادية، ومعرفة أساسيات الطبيعة، وهو السبب في وجود الاختلافات بين ثقافات المجتمعات الإنسانية، وبسبب هذا التنوّع وضعت الثقافات المختلفة قيماً مختلفة للطبيعة، والذي تمثّل بشكل عام بالتطور بدلاً من المحافظة عليها، لذلك كانت التكنولوجيا مفتاح التطور البشري، بالرغم من أنها زادت من تدهور البيئة؛ فعلى سبيل المثال: يُعتقد أن ظاهرة الدفيئة (The Greenhouse Effect) نتجت من استهلاك الإنسان للطاقة، وبعض الممارسات الزراعية والتغيرات المناخية، أي أن التغييرات البيئية الذي يشهدها العالم مرتبطة بالإنسان بشكل كبير.

العوامل المؤثرة على علاقة الإنسان بالبيئة

هناك عدة عوامل مسؤولة عن تغيير علاقة الإنسان بالبيئة، وهي:

إقرأ أيضا:تلوث الماء والهواء
  • السكان: (Population)، يتعدى مفهوم التنمية البشرية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية إلى استخدام الإنسان للموارد الطبيعية وتأثيرات ذلك على البيئة، لذلك فقد كان للنمو السكاني السريع آثار بيئية وإنمائية خطيرة، وقد تم تجاهل العديد من هذه الآثار نتيجة للتطور السريع والتقدم التكنولوجي، لذلك كان من الضروري الاهتمام بديموغرافيا السكان، وأنماط الاستهلاك السكاني، والعادات الثقافية للسكان، ومستوياتهم التعليمية، لاتخاذ إجراءات متكاملة لحل المشكلات البيئية، ويجدر بالذكر أنه على الرغم من اختلاف الكثافة السكانية بين المناطق والبلدان، إلا أن العالم يشهد زيادة مطردة في النمو السكاني؛ فقد ازداد عدد سكان العالم بمقدار 3.5 مليار نسمة في غضون 50 عاماً فقط بين عامي 1950-2000م، وهذه الزيادة المطردة تزيد من استهلاك الإنسان للموارد، كما يمكن للتلوث البيئي في المقابل أن يزيد من عدد الوفيات، كما يعتمد معدل انخفاض عدد سكان العالم على التدهور البيئي وتأثيره على صحة الإنسان.
  • التنمية: (Development)، تسبب التنمية بالتزامن مع زيادة عدد السكان العديد من التغييرات؛ فهي تزيد من الحاجة للزراعة لتلبية الاحتياجات الغذائية، وزيادة إنشاء مراكز للعمل والتوظيف لتحسين ظروف السكان، والحاجة إلى تعزيز قطاع النقل، وزيادة المرافق الصحية والتعليمية، وهذا التطورات بحاجة إلى استخدام موارد طبيعية؛ مثل الأراضي، والمياه، والهواء، وغيرها؛ فتكثيف الزراعة مثلاً يحتاج إلى المزيد من الأراضي، والمياه، والطاقة، والأسمدة، وهذا يؤدي إلى أزمات في الطاقة وارتفاع في أسعار النفط، كما يؤثر الاقتصاد والنظام الاجتماعي السائد في أي بلد من البلاد على ما تنتجه، وما تستورده، وتصدره؛ فالبلدان النامية التي تصدّر المواد الخام وتستورد السلع المصنعة بتكلفة أكبر تتسبب بإحداث خلل في التوازن الاقتصادي والبيئي أيضاً، لذا فإن ممارسة الأنشطة التنموية مسؤولة عن ما ستقدمه البيئة من احتياجات لأجيال الحاضر والمستقبل.
  • استهلاك الموارد الطبيعية: (Consumption of natural resources)، تختلف أنواع وكميات الموارد الطبيعية بين دول العالم، كما تختلف درجة استهلاك هذه الموارد من مكان لآخر، فبعض الدول تصدر المواد الخام وتستورد المنتجات المصنّعة منها، وهذا يعرّض البيئة للضرر نتيجة اسنتزاف مواردها، وبعضها تستخدم هذه المواد الخام في الصناعة، لتسبب التلوث الصناعي للبيئة، كما تؤدي عملية معالجة المواد الخام وتصنيعها إلى مشكلات بيئية جديّة؛ حيث تحدث تغييرات فيزيائية وبيولوجية في البيئة، وتلوث الموارد الطبيعية لتجعلها غير صالحة كما يحدث عند تلوث التربة، أو المياه، أو الهواء، وقد ينتشر هذا التلوث عبر الهواء الملوث ويضر بالموارد البيئية في مناطق أخرى.
  • المخاطر الصحية: (Health hazards)، يتسبب تلوث الهواء والمياه بأمراض ومخاطر صحية للكائنات الحية، وقد يتأثر الإنسان بهذه المخاطر الصحية بدرجات مختلفة بحسب اختلاف البيئات؛ حيث تختلف شدة الأمراض في الأماكن المختلفة باختلاف العوامل المناخية من درجة حرارة، ورطوبة، وغير ذلك، وقد زادت هذه الأمراض إلى الحاجة للصناعات الكيميائية والأدوية والتي تُطلق كمية كبيرة من النفايات الكيميائية السائلة، مما يتسبب بأمراض أخرى، وبناء على ذلك يمكن القول إن التطور يؤدي إلى آثار جانبية مدمرة في الغالب؛ فالأنشطة التنموية التي تم تطويرها مع ازدياد عدد السكان، كانت هي السبب في التدهور البيئي والاستخدام المكثّف للموارد الطبيعية، التي تعود بالضرر على الإنسان.

 

أبرز التحديات البيئية التي يواجها الإنسان

يواجه الإنسان تحديات بيئية مختلفة، مما يؤدي إلى ظهور ضرورة التعرف على هذه التحديات حتى تصبح الأنشطة البشرية صديقة أكثر للبيئة، وأبرز هذه التحديات هي:

  • تزايد عدد السكان: يزداد عدد سكان العالم حوالي 17 مليون نسمة كل عام، مما يشكّل ضغطاً كبيراً على موارد البيئة الطبيعية ويقلل من منافع الأنشطة التنموية، لذلك يعتبر الحد من النمو السكاني التحدي الأكبر الذي يواجهه العالم؛ فالتحكم في النمو السكاني يساعد في تحقيق التطور، وللتنمية كذلك أثر كبير من الحد من معدل النمو السكاني، خاصة عندما يتم التركيز في التنمية على المرأة.
  • الفقر: هناك علاقة كبيرة بين الفقر والتدهور البيئي، فالغالبية العظمى من الشعوب الفقيرة تعتمد بشكل مباشر على الموارد الطبيعية لتلبية احتياجاتها الأساسية من الغذاء، والمأوى، والوقود، والأعلاف، لذلك يؤثر التدهور البيئي سلباً على الفقراء الذين يعتمدون بشكل مباشر على موارد محيطهم، كما أن الفقر يجعل الإنسان يركّز على كسب عيشه أكثر مما يولي اهتماماً بالحفاظ على البيئة.
  • النمو الزراعي: يجب أن يكون لدى الأفراد وعي أكثر بأساليب النمو الزراعي التي تضر بالبيئة؛ فبعض الطرق التي تزيد من الغلة والمحصول الزراعي تسبب في المقابل ملوحة التربة وتتلف بعض خصائص التربة الأساسية.
  • الحاجة إلى المياه الجوفية: يحتاج الإنسان إلى ترشيد اسخدام المياه الجوفية للحفاظ عليها من الاستنزاف، كما يجب الحفاظ على جودتها من التلوث؛ حيث تؤدي النفايات، والمخلفات الصناعية، والأسمدة الكيميائية، والمبيدات الحشرية إلى تلوّث المياه السطحية كما تؤثر على جودة المياه الجوفية، لذلك يعتبر تحدي الحفاظ على نظافة المياه الجوفية والمياه السطحية في الأنهار والمسطحات المائية الأخرى أحد التحديات الصعبة التي يجب أن يسعى العالم لتحقيقها، وذلك لأهمية توفير مياه شرب آمنة.
  • تنمية الغابات: تقلّصت غابات العالم بشكل كبير خلال القرون الماضية، كما تحولت مناطق شاسعة من الأراضي الخصبة إلى أراضٍ قاحلة، لذلك يجب على العالم الاهتمام باستعادة الغطاء النباتي لتلك المناطق، ويمكن لتحقيق ذلك الاستفادة من المجتمعات القبلية التي تسكن الغابات وتعتني بمصدر قوتها من أشجار الغابات وطيور وحيوانات، فلهذه المجتمعات دور كبير في استعادة الغابات والحفاظ عليها، كما يجب زيادة معرفة المجتمعات المحلية بأهمية الغابات واتباع استراتيجيات للحفاظ عليها وتنميتها.
  • تدهور الأراضي: يمكن لـ 80% من الأراضي في الوقت الحاضر أن تكون منتجة، وفي المقابل تعاني 30% منها من درجات متفاوتة من تدهور التربة، أما بقية الأراضي فهي أراضٍ زراعية، وهناك أراضٍ حرجية تم تجريد أكثر من نصفها تقريباً، وتُستخدم بعض الأراضي لتربية المواشي كما يستخدم بعضها الآخر كمراعي، مع الإشارة إلى أن تآكل التربة الناتج عن حركة المياه والرياح يؤدي إلى زيادة الأراضي المتضررة، لذلك يعتبر تجنب التدهور للأراضي أحد التحديات البيئية.
  • إعادة التوجيهات: يجب على الحكومات إجراء تعديلات عامة تتناسب مع الظروف والاحتياجات البيئية، ويجب لهذه التعديلات أن تكون في التعليم، وفي المواقف الرسمية والاجراءات الإدارية في المؤسسات، لأن ذلك يؤثر على نظرة الأفراد حول إدارة الموارد وللتكنولوجيا والتنمية.
  • تناقص التنوع الجيني: تشهد الطبيعة حالياً اختفاء معظم المخزونات الجينية البرية؛ لذلك يجب اتخاذ تدابير مناسبة للحفاظ على التنوع الجيني، علماً أنه يتم حالياً عزل الحيوانات المختلفة ضمن مجموعات في المحميات الطبيعية، والحدائق الوطنية، ومحميات المحيط الحيوي لتقليل التناسل بين المجموعات المختلفة، ولكن وبشكل عام ينبغي اتخاذ خطوات علاجية للتحقق من تناقص التنوع الجيني.
  • الآثار الضارة للتحضر: ولّد التحضر وتوجه الانسان للتصنيع عدداً كبيراً من المشاكل البيئية التي تحتاج إلى اهتمام عاجل، فالتعامل مع التزايد السريع للمناطق الحضرية يمثّل تحدياً كبيراً، لما تحتاجه المدن من تجهيزات، وبنى تحتية، ومرافق صرف صحي، ومحطات معالجة، وغير ذلك.
  • تلوث المياه والهواء: تستخدم معظم المنشآت الصناعية تقنيات قديمة ومرافق مؤقتة غير مزوّدة بمعدات لمعالجة مخلفاتها، مما يسبب ارتفاع نسب تلوث الهواء والمياه في المناطق الصناعية، كما يحتاج تطبيق بعض الحلول لمشكلة التلوث إلى الكثير من الموارد، والخبرة الفنية، والإرادة السياسية والاجتماعية، مع ضرورة الاهتمام بتوعية الأفراد بهذه المشكلات، بالتزامن مع وضع قواعد تساعد في تنفيذ الحلول والحد من مشكلة التلوث.
السابق
أسباب تلوث الماء والهواء
التالي
نتائج تلوث الماء