وسائل المحافظة على البيئة
يشهد العالم تطوراً مستمراً ومتزايداً مع الوقت، حيث يتمّ التوسّع في إنشاء الطرق السريعة، وبناء المطارات والموانئ، ومع نمو المدن وازدياد عدد السكان تزداد الحاجة إلى محطات معالجة المياه العادمة، وتظهر الحاجة إلى اتباع أساليب مكثفة في الزراعة لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الغذاء، ولهذه التغيّرات آثار ومخاطر كبيرة على البيئة، لذلك فقد أوجدت الجهات المختصة بالحفاظ على البيئة طرقاً ووسائل لحماية البيئة، والحد من المخاطر التي تهددها، وتهدد حياة الإنسان، من هذه الوسائل:
الوسائل الفردية
هناك أثر كبير لوعي الأفراد تجاه بيئتهم ومساهمتهم بخطوات بسيطة في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، فالتقليل من استخدام المركبات مثلاً، يخفض النفقات على الفرد، ويقلل من التلوث في البيئة، وفيما يأتي بعض الوسائل والممارسات الفردية التي من شأنها المساعدة على الحفاظ على البيئة:
التقليل من النفايات
يُمكن لكل فرد المساهمة في التقليل من النفايات والمواد الملوِّثة للبيئة، وذلك من خلال اختيار بعض الطرق التي تساعد بشكل كبير على الحد من إنتاج النفايات، ومن أهمّ هذه الطرق:
- شراء المواد على قدر الحاجة، وبذلك يتمّ استخدام كل ما يتمّ شراؤه، فتقل المواد التي يُمكن ألّا تستخدم وتنتهي إلى القمامة، خاصة المواد الخطرة على البيئة، مثل: الطلاء والمواد الكيميائية.
- التقليل من المواد المُستخدَمة في التغليف والتعبئة، وشراء المواد المعبأة في عبوات قابلة للتدوير بسهولة.
- استخدام زجاجات الماء التي يُمكن إعادة استخدامها أكثر من مرة بدلاً من شراء المياه المعبأة.
- التقليل من شراء المواد المعبأة في عبوات فردية، واستبدال العبوات العائلية بها، وبذلك يتمّ التقليل من النفايات التي يصعب التخلص منها كالبلاستيك.
- إعادة التدوير من خلال فصل النفايات القابلة لإعادة التدوير في أماكنها المخصصة.
- استخدام الأكياس القماشية، وعدم استعمال الأكياس البلاستيكية لنقل المشتريات من البِقالة، للتقليل من كميات الأكياس الملقاة في النفايات.
إعادة الاستخدام
إنّ المواد القابلة لإعادة الاستخدام هي المواد التي يكون إعادة استخدامها عدة مرات ممكناً وآمناً، وعادةً لإعادة الاستخدام أثر كبير في التقليل من كمية النفايات، من الأمثلة عليه:
إقرأ أيضا:فوائد المطر الحمضي- استخدام أوعية حفظ الطعام التي يُمكن غسلها وإعادة استخدامها عدة مرات بدلاً من الأكياس البلاستيكية المخصصة للاستخدام مرة واحدة.
- استخدام الأكواب الزجاجية التي يُعاد استخدامها لشرب الماء والعصائر بدلاً من الأكواب الورقية والبلاستيك المستخدمة مرة واحدة.
هناك أشياء قد تصبح قديمة أو عديمة الفائدة للبعض، لكن ما يزال من الممكن عدم رميها في النفايات، والنظر إليها كأشياء يُمكن إعادة استخدامها لحل مشاكل أو تلبية احتياجات يومية، فهذا لا يقلل من النفايات فقط، بل ويوفر المال، ويحافظ على الموارد، ويرضي الرغبة البشرية في الإبداع، وفيما يأتي بعض الأمثلة على إعادة الاستخدام:
- إعادة استخدام ورق التغليف أو الأكياس البلاستيكية والصناديق والقطع الخشبية.
- استبدال الحقائب التي يُمكن إعادة ستخدامها عدة مرات بأكياس الشراء البلاستيكية.
- منح الملابس الفائضة عن الحاجة، والأثاث القديم، والأدوات المنزلية للأصدقاء، أو الأعمال الخيرية.
- إعادة تجديد الأثاث القديم بتنجيده وطلائه.
- التبرع بالأجهزة المكسورة للمدارس المهنية لاستخدامها في دروس الفن أو في تعلم إصلاح الأشياء.
- استخدام الأوراق على الجانبين.
- التبرع بالكتب والمجلات للمدارس أو المكتبات.
- قص المناشف والأغطية القديمة واستخدامها في مسح الغبار والتنظيف.
- استخدام الإطارات القديمة في الحدائق وفي ساحات اللعب.
إعادة التدوير
يُمكن من خلال عملية إعادة التدوير (بالإنجليزية: Recycling) جمع المواد التي تمّ رميها وتحويلها إلى منتجات ومواد جديدة، فعمليات إعادة التدوير لها آثار إيجابية على المجتمع والبيئة، فهي توفر المال، وتحافظ على الموارد الطبيعية، وتحمي البيئة، حيث يتطلب إنتاج مواد ومنتجات جديدة إيجاد مواد خام أوليّة، وتصنيعها، ونقلها، مما يعني إهدار المزيد من الموارد، وفيما يأتي بعض الأمثلة على المواد التي يتمّ تصنيعها من عملية إعادة التدوير:
إقرأ أيضا:أضرار التلوث البيئي- إعادة تدوير علب الألومنيوم المُستخدَمة لإنتاج علب جديدة.
- إعادة تدوير الألومنيوم المُستخدَم في الأجهزة، وفي هياكل الدراجات والسيارات.
- إعادة تدوير زجاجات الصودا وصنع سجادة مثلاً.
- إعادة تدوير الزجاج لتصنيع أوعية زجاجية جديدة، وألياف زجاجية، أو تحويله إلى رمل لاستخدامه في تعبيد الطرقات.
- إعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية لصناعة أوعية بلاستيكية جديدة، وصنع أكياس النوم، وصنع الطبقة العازلة في سترات التزلج، وغيرها.
- إعادة تدوير الورق والورق المقوى لتصنيع الورق والورق المقوى مرة أخرى، والمناشف الورقية، وعلب البيض الكرتونية، ومواد عزل المباني، والألواح الجبصية، والصحون الورقية، وغيرها.
تحويل المخلفات
توفِّر عملية تحويل المخلفات أو التسميد الطبيعي (بالإنجليزية: Composting) حلاً جزئياً لقضية التخلص من النفايات بطرق غير ضارة، فبدلاً من حرق النفايات، يتمّ جمع المخلفات العضوية الخام ووضعها في ظروف خاصة لتتحلل طبيعياً وتنتج مواد مستقرة بيولوجياً يُمكن تخزينها دون وجود رائحة كريهة، وبذلك ينتج سماد عضوي طبيعي يحسن من نوعية التربة.
وهذا السماد الطبيعي له فوائد عديدة للبيئة، وفيما يأتي بعض منها:
- يساعد السماد الطبيعي التربة -خاصة التربة الرملية- على الاحتفاظ بالرطوبة المناسبة، وتقليل جريان الماء منها، مما يقلل من استخدام المزيد من المياه لري النباتات.
- يفيد البيئة من خلال إعادة تدوير المواد العضوية، وتوفير مساحة كبيرة في مكبات النفايات.
- يقلل الحاجة إلى الأسمدة الصناعية، ويحافظ على توازن حموضة التربة.
- يزيد من محتوى التربة من المواد العضوية والمغذيات، ويُحسن من نمو النباتات، ويحسن من بنية جذورها.
- يجذب ديدان الأرض والميكروبات المفيدة، ويقلل من الأعشاب الضارة.
- يساعد على التحكم في عمليات التعرية للتربة.
- يحافظ على درجة حرارة التربة بجعلها معتدلة.
وسائل أخرى للمحافظة على البيئة
فيما يأتي عشرة تصرفات فردية بسيطة يُمكن القيام بها للمساعدة على حماية البيئة:
إقرأ أيضا:أدوات ترشيد استهلاك الماء- الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل حجم النفايات باتباع الأنماط الثلاثة من تقليل النفايات (Reduce)، وإعادة الاستخدام (Reuse)، وإعادة التدوير (Recycle).
- التطوع في نشاطات تنظيف الطبيعة، والمشاركة في المحافظة على نظافتها.
- التعلم وزيادة الوعي تجاه البيئة، ومساعدة الآخرين على فهم أهمية وقيمة الموارد الطبيعية.
- الحفاظ على المياه من خلال ترشيد الاستهلاك، حيث يقلل ذلك من الجريان السطحي للمياه، ويقلل من مياه الصرف الصحي التي تلوث البيئة.
- التوجه إلى دعم الاستدامة، وعدم استنفاد موارد الطبيعة.
- التسوق بحكمة من خلال شراء كمية أقل من المواد البلاستيكية، واستخدام حقيبة تسوق قابلة لإعادة الاستخدام.
- ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، واختيار مصابيح توفير الطاقة، حيث يقلل ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تنتج من محطات توليد الكهرباء.
- زراعة الأشجار، فالأشجار مصدر للغذاء والأكسجين، وتساعد على تنظيف الهواء، ومنع تغيّر المناخ.
- التقليل من استخدام المواد الكيميائية، ومنع تسربها إلى المجاري المائية.
- التقليل من استخدام المركبات، واعتماد وسائل بديلة مثل قيادة الدراجات الهوائية.
الوسائل القانونية والتشريعية
تقوم بعض الجهات الدولية والمحلية بسنّ قوانين، وسياسات، وتوجيهات تنظِّم تعامل الإنسان مع البيئة، يتمّ تنفيذها على جميع المستويات المحلية والدولية، والوطنية، وتشمل هذه القوانين معايير، ومبادرات، ومعاهدات، وغير ذلك من المواضيع، مثل: المعايير التي تنظم الانبعاثات من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في ألمانيا، والمبادرات في الصين لإنشاء حزام من الأشجار لحماية بكين من العواصف الرملية، والمعاهدات الدولية لحماية التنوع البيولوجي وطبقة الأوزون، وقد تطوّر القانون البيئي في أواخر القرن العشرين من ملحق لقانون لوائح الصحة العامة إلى مجال مستقل معترف به عالمياً ليحمي صحة الإنسان والطبيعة، حيث تؤدي القوانين البيئية دوراً كبيراً في حماية الأرض والموارد الطبيعية، وحماية البشر والحيوانات من التلوث، والصيد الجائر، وانتشار الأمراض، ودون وجود هذه القوانين لن تكون الحكومات قادرة على فرض عقوبات رادعة لمن يسيء معاملة البيئة، حيث يترتب على إهمال هذه القوانين عقوبات مختلفة كخدمة المجتمع أو دفع الغرامات، وقد تصل في الحالات القصوى إلى السجن.
وتغطي القوانين البيئية مجموعة واسعة من المواضيع، منها ما يأتي:
- جودة ونوعية الهواء: (بالإنجليزية: Air Quality)، تحمي هذه القوانين الهواء من التلوث، وقد تتضمن تدابير لحماية طبقة الأوزون.
- جودة الماء: (بالإنجليزية: Water Quality)، تحمي القوانين البيئية الماء من التلوث، وتحدد أيضاً كيفية إدارة الموارد المائية، وكيفية التعامل مع المشكلات المحتملة مثل التعامل مع الجريان السطحي للمياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي.
- إدارة النفايات: (بالإنجليزية: Waste Management)، تحكم القوانين البيئية طرق إدارة النفايات المنزلية ومعالجتها، ومعالجة المواد الخطرة، والنفايات النووية.
- تنظيف الملوِّثات: (بالإنجليزية: Contaminant Cleanup)، تتعامل هذه القوانين مع التلوث بعد حدوثه، وتتضمن بروتوكولات لتنظيف التلوث، وعقوبات مدنية وجنائية للمتسببين به.
- السلامة من أخطار الكيماويات: (بالإنجليزية: Chemical Safety)، تدير هذه اللوائح كل ما يتعلق بمنع أو التقليل من مخاطر المواد الكيميائية، مثل المبيدات الحشرية، والمواد الكيميائية التي تدخل في تركيب الزجاجات البلاستيكية.
- الصيد: (بالإنجليزية: Hunting and Fishing)، تنظم القوانين البيئية الحياة البرية وتحميها، ويشمل ذلك صيد الحيوانات والأسماك، فتحدد من هو مصرّح له بالصيد، وتقرر كيفية تنظيم هذه الأنشطة.
بدأ الاهتمام بالقوانين البيئية بالازدياد بعد ظهور المشاكل البيئية العالمية في السنوات الأخيرة، فقد شجع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (بالإنجليزية: The United Nations Conference on Environment and Development) -اختصاراً (UNCED) أو ما يُسمى بقمة الأرض (بالإنجليزية: Earth Summit) المنعقد عام 1992م- التعاون والعمل الدولي فيما يتعلق بالقضايا البيئية العالمية، مثل: مشكلة الاحترار العالمي، واستنزاف طبقة الأوزون، والأمطار الحمضية، والتصحر، والتلوث في البلدان النامية، وإدارة النفايات الخطرة العابرة للحدود، وغير ذلك.
فقد قامت القمة بصياغة اتفاقيات عالمية للتنمية المستدامة، وتمّ بذل الجهود لاعتماد خطة عمل لمتابعة المعاهدات المتعلقة بالعديد من فئات المشاكل البيئية، ففي شهر أيار/ مايو من عام 1993م تمّ عقد الاجتماع الثاني للجنة التنمية المستدامة (بالإنجليزية: Commission on Sustainable Development) والخاص بمتابعة قرارات قمة الأرض لإجراء دراسات مباشرة حول مشاكل التجارة المتعلقة بالبيئة والمواد الكيميائية الخطرة، كما تمّ التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (بالإنجليزية: United Nations Convention to Combat Desertification) في الاجتماع الخامس لمؤتمر التفاوض الحكومي الدولي (بالإنجليزية: The Intergovernmental Negotiating Conference) في شهر حزيران/ يونيو عام 1994م، ودخلت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حيز التنفيذ في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1994م، وفي نفس الشهر تمّ عقد اتفاقية التنوع البيولوجي (بالإنجليزية: Convention on Biological Diversity)، وفي شهر آذار/ مارس من عام 1995م، تمّ عقد المؤتمر الأول لأعضاء اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ.