الجمارك
الجمارك (بالإنجليزيّة: Customs) هي الجِهة الحكوميّة التي تَمتلكُ السلطة لتنفيذ القوانين الخاصّة بتوفير الحماية للصادرات والواردات، وتنظيم عمليّة دخول وخروج البضاعة بين الدول، وتُعرَّف الجمارك بأنّها ضريبة تُفرضُ على المنتجات المستوردة، وأصلُ مصطلح الجمارك يعود للغة التركيّة، وهو مُشتق من كلمة (كُمرك)، وعُرِفَتْ باللغة العربيّة بكلمة (مَكْس).
من التّعريفات الأخرى للجمارك هي مكانٌ يوجد في المطارات والحدود الدوليّة والموانئ البحريّة، ويشرف عليه مجموعةٌ من الأفرادِ المسؤولين عن مُتابعة المسافرين والبضائع المُتبادلة بين الدول.
تاريخ الجمارك
عُرِفتْ الجمارك والرسوم الجمركيّة منذُ العصور القديمة، وتُعدّ حضارة ما بين النهرين التي كانت تقع في العراق هي أوّلُ من اهتمّ بتطبيق الجمارك، وطُوّرت التشريعات الخاصّة بالرسوم الجمركيّة في العصر الرومانيّ، واحتوت هذه القوانين على الجرائم التي تُسبّبُ الضرر للمَصالح العامة، أمّا في العصور الوسطى ظهرت الجمارك في إنجلترا، ومن ثمّ قرر حُكّام المقاطعات الفرنسيّة فرض هذه الرسوم على المنتجات التي تصل لهم، مع فرض رسوم أُخرى على البضائع المُنتجة في الأراضي الفرنسيّة.
انتَشَرت الجَمارك في العصر الإسلاميّ، ولكنها لم تكن معروفةً حتى عهد حُكم أبو بكر الصديق – رضيّ الله عنه -، وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عَرفت الدولة الإسلاميّة نظام العشور، وطُبِق لاحقاً النظام الضريبيّ للتعامل مع الصادرات من شبه الجزيرة العربيّة؛ ممّا أدّى إلى فرض ثلاثة أصناف من الضرائب؛ وهي ضريبة الأراضي، والضّريبة الخاصّة بأهل الكتاب؛ أي السُكّان من غير المسلمين، والرّسوم الجمركيّة.
إقرأ أيضا:تحليل النسب الماليةفي عصر الدولة الأمويّة ظلّ يُستخدم نظام العشور المُطبّق في عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، واستمرّ الاهتمام بحماية الحدود، وتسهيل عمليّات التجارة الخارجيّة، وأثناء حُكم الإمبراطوريّة العثمانيّة حرص العثمانيون على توقيع مُعاهداتٍ واتّفاقيّاتٍ لتنظيم التجارة مع الدول الأوروبيّة. ظَهَر العصرُ الحَديث للجمارك مع فرض قانون العقوبات المصريّ في عام 1883م؛ حيث اهتمّ بتحصيل الرسوم الجمركيّة التي عُرِفتْ باسم المُراسلات، وفي عام 1963م أصدرت تركيا القائمة الجمركيّة التي أبلغت بها الدّول المُحيطة فيها.
أهداف الجمارك
تهدف دائرة الجمارك إلى تحقيق مجموعةٍ من الأهداف الاستراتيجيّة، ومن أهمّها:
- الحدّ من النشاطات غير المَشروعة في مجال التجارة عن طَريق مُكافحة التهريب.
- المشاركة في تحفيز ودعم البيئة الخاصّة بالأعمال الاستثماريّة.
- تعزيز ودعم كافّة الموارد الماليّة الخاصة بخَزينة الدولة.
- تطوير وتحسين الأداء الخاص بالمؤسّسات.
- تحقيق مجموعةٍ من القيم، مثل: المهنية، والنزاهة، والعمل المُشترك ضمن الفريق.
التعرفة الجمركيّة
في عام 1927م صدرت عن المؤتمر الاقتصاديّ العالميّ توصية أشارت إلى توحيد التعرفة الجمركيّة بين كافّة دول العالم، واهتمّت لجنة تحتوي على مجموعةٍ من الخبراء بصِياغة مَشروع التعرفة الجمركيّة النموذجية في جنيف، وفي عام 1950م وقعت اتفاقيّة تعرفة جمركيّة جديدة في بروكسل، وفي عام 1955م أصبحت هذه الاتفاقيّة مرجعاً لخبراء الجمارك من العرب عند إعدادهم للجدول الخاص بالتعرفة الجمركيّة لجامعة الدول العربيّة، وفي عام 1956م أقرّ مجلس الجامعة الاقتصاديّ هذه الاتفاقيّة.
إقرأ أيضا:أول من وضع صورته على النقودتُقسم التعرفة الجمركيّة إلى عدّة أقسام يهتمّ كلٌّ منها بتنفيذ وظيفة مُعيّنة، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ هذه الأقسام:
- البند الجمركيّ: هو مجموعةٌ من الإجراءات التي تُطبّق بعد تنفيذ الكشف على البضائع من أجلِ الوصول إلى مرحلة استيفاء الرسوم المترتّبة عليها، أو قد تهتمّ البنود باسم أو نوعيّة البضائع، ويُقسم البند العام إلى عدّة بنود جزئيّة؛ بهدف إضافة رسوم مُرتفعة على البضائع المُستوردة (السلع الأجنبيّة) التي تتشابه مع السلع المُنتجة محليّاً، كما يُساهم ذلك بفرض رسومٍ جمركيّة مُخفّضة على المجالات الصناعيّة والزراعيّة.
- الملاحظات القانونيّة: هي قسمٌ من أقسام جدول التعرفة الجُمركيّة، وتساهم في توضيح موضوعات وبنود هذه التعرفة من أجلِ تعزيز فهمها، وتحديد وظائفها وفقاً لنقاطٍ تفصيليّة.
- القواعد المُفسرة لجدول التعرفة: هي عِبارة عن قواعد عامّة توجد في مُقدّمة الجدول الخاص بالتعرفة الجمركيّة، وتُستخدم لتفسير البنود الجمركيّة لتوضيح التعارض أو التشابه أو الازدواجيّة بينها، كما تساعد هذه القواعد على تفسير أهميّة البنود، وتطبيق الوسيلة الواجب اتباعها لتصنيف السلع التي لا تُصنّف بطريقةٍ سهلة.
الحماية الجُمركيّة
تُعدّ الحماية الجُمركيّة من الأمور التي تُوفر الحماية على السلع المتنوّعة، ولكن لا يُمكن تحديد المُعدّلات الخاصّة بهذه الحماية من خلال التعرفة الجُمركيّة الاسميّة، بل تعتمد على تحديد نسب الحِماية الفعليّة المُطبّقة من الدولة المُصدّرة، سواءً أكانت نامية أمّ مُتقدمة، ونوعية السلع المُصدرة، مثل السلع المُصنّعة أو المواد الخام، وهكذا يظهر بوضوح أنّ التعرفة الاسميّة تشهد تطوّراً في مُعدّلات الحماية وفقاً للسياسات الجُمركيّة المُطبقة في السوق الصناعيّ؛ من خلال متابعة مَصدر السلع، وما يؤثّر عليها من تعديلات إقليميّة أو جماعيّة.
إقرأ أيضا:البورصة وكيفية عملهاأساس حساب التعرفة الجُمركيّة
يَعتمد حساب قيمة التعرفة الجُمركيّة للسلع الواردة على أساس القيمة التجاريّة الخاصّة بالسلع المستوردة، بعد إضافة مصاريف النقل والشحن لها حتى دخولها إلى المَنطقة الجُمركيّة الخاضعة للضريبة، كما تُحدّد القيمة التجاريّة الخاصّة بالسلع المُستوردة أحياناً عن طريقِ الاعتماد على الفواتير التي يُقدّمها المستوردون بصِفتها من الوثائق المرفقة مع التصريح الجُمركيّ إلّا في حال ظهور ما يُثبت لإدارة الجمارك حدوث غشٍ في تفاصيل هذه الفواتير من أجل تطبيق التهرّب الضريبي بالاعتماد على استخدام أسعار غير حقيقيّة.
عند ظهور حالة الغش بأسعار السلع بهدفِ التهرّب الضريبيّ يَحقّ لإدارة الجمارك إعادة تقييم المنتجات من خلال الاعتماد على أسعار بيعِها في البلد المنشأة لها؛ أي التي صُنعت فيها، أو عن طَريق الاعتماد على الفواتير المُقدّمة من مستوردين آخرين، وتحتوي على معلومات عن سلعٍ مشابهة للسلع ذات الأسعار المغشوشة، ولكن يجب أن تعود صناعتها إلى بلد المنشأ ذاته، وتُطبّق التعرفة الجُمركيّة بالاعتماد على نِسبٍ مئويّة تُشكّل جزءاً من قيمة السلع المستوردة، أو مبالغ ماليّة جُزافيّة تُعدّ وحدات قياس من كميّة السلع، مثل اللتر والكيلوغرام.