حركة الكواكب حول الشمس
بيّن الاعتقاد الذي كان سائداً لدى العديد من الثقافات القديمة، وخاصّة في فترة العصور الوسطى أنّ الأرض ثابتة في المركز، بينما تدور النجوم، والكواكب حولها، وقد استمرّ هذا الاعتقاد حتى فترة عصر النهضة التي بدأ خلالها علماء الفلك بإعادة النظر في نظرية مركزية الأرض، إذ قاموا بذلك بعد رصدهم للكواكب، ومراقبة حركتها المعقّدة في السماء، فحاولوا عندها تفسير هذه الحركة، ممّا أدّى إلى اكتشاف قوانين الميكانيكا المداريّة.
القوانين الحاكمة لحركة الكواكب حول الشمس
قوانين كيبلر للحركة الكوكبية
توصّل يوهانس كيبلر (بالإنجليزية: Johannes Kepler) إلى ثلاثة قوانين تصف حركة الكواكب في السماء، وذلك بالاعتماد على البيانات الدقيقة التي جمعها الفلكيّ تيخو براهي (بالإنجليزية: Tycho Brahe) دون استخدام التلسكوب، ويُمكن تلخيص هذه القوانين كالتالي:
- قانون المدارات: (بالإنجليزيّة: Law of Orbits)، ينصّ على أنّ جميع الكواكب تدور في مدارات إهليجية حول مركزٍ ثابتٍ، وهو الشّمس.
- قانون المساحات: (بالإنجليزيّة: Law of Areas)، ينصّ على أنّ الخطّ الواصل من مركز أيّ كوكب إلى الشّمس يقطع مساحات متساوية في أزمنة متساوية.
- قانون الزمن: (بالإنجليزيّة: Law of Periods)، ينصّ على أنّ مربع الفترة المدارية لأيّ كوكب يتناسب طردياً مع مكعب نصف المحور الرئيسيّ لمداره، ويجدر بالذكر أنّ هذه القوانين الثلاثة كانت قد اشتُقّت لتفسير حركة الكواكب في مداراتها حول الشّمس، إلّا أنّها عُمِّمت بعد ذلك لتنطبق على حركة الأقمار في مداراتها.
قوانين نيوتن للحركة
فسّر إسحاق نيوتن (بالإنجليزية: Isaac Newton) في قوانينه مبادئ الحركة بشكل عام، وبالاعتماد على قوانين كيبلر استنتج أنّ حركة جميع الأجسام، سواء كانت كبيرة جداً كحركة القمر حول الأرض، أو صغيرة كسقوط تفاحة عن الشجرة تتّبع المبادئ الأساسيّة نفسها، وقد نشر نيوتن قوانينه في الحركة في عام 1687م بإيجاز، والتي يُمكن تلخيصها كالتالي:
إقرأ أيضا:ما هو شكل الأرض- قانون نيوتن الأول: ينصّ على أنّ الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثّر عليه قوة خارجية تُحرّكه، والجسم المتحرّك بسرعة ثابتة في خطّ مستقيم يبقى على هذه الحالة ما لم تؤثّر عليه قوة خارجية فتغيّر الحالة الحركية له، ويُسمّى هذا القانون أيضاً بقانون القصور الذاتي.
- قانون نيوتن الثاني: ينصّ على أنّه إذا أثّرت قوة على جسم ما، فإنّها تكسبه تسارعاً يتناسب طردياً مع هذه القوّة، وعكسياً مع كتلته.
- قانون نيوتن الثالث: ينصّ على أنّ لكلّ فعل رد فعل تساويه في الشدّة، وتعاكسه في الاتّجاه.
قانون الجذب العام لنيوتن
قدّم نيوتن قانون الجاذبية العام (بالإنجليزية: Newton’s Law of Universal Gravitation) كمثال على قوانين الحركة التي سبق أن قدّمها، إذ توصّل إسحاق نيوتن إلى أنّ كلّ جسم في الكون يمتلك قوة جذب تسحب الأجسام الأخرى نحو مركزه، وتعتمد قوة الجاذبية على كتلة الجسم نفسه، فكلّما زادت كتلته زادت قوة جاذبيته، فمثلاً نجد أنّ قوة الجاذبية للشّمس أكبر من قوة الجاذبية للأرض، كما أنّ قوة الجاذبية للأرض أكبر من قوة الجاذبية لأي جسمٍ آخر صغير، هذا وتتأثّر قوة الجاذبية أيضاً بالمسافة بشكلٍ عكسي، إذ تقلّ قوة الجاذبية كلّما زادت المسافة بين الجسمين، ممّا يُفسّر سبب عدم قدرة الشّمس على جذب الأجسام البعيدة عنها.
إقرأ أيضا:معلومات عن كوكب المريخقدّمت كلّ من قوانين نيوتن في الحركة، وقانون الجاذبية تفسيراً واضحاً لحركة الأرض السنويّة حول الشمس، ففي حين أنّ الأرض تتحرّك أساساً إلى الأمام بشكلٍ مستقيم عبر هذا الكون، إلّا أنّه بسبب قوة جذب الشمس لها بشكل دائم تتغيّر حركة الأرض المستقيمة، وتنحرف عن مسارها، لتتحرّك باتّجاه الشمس، وفي مدارٍ إهليجي.
نظرية النسبية الخاصّة
استمرّ تطبيق قوانين نيوتن في الحركة، والجاذبية لما يُقارب 220 عاماً، ثمّ جاءت نظرية النسبية الخاصة (بالإنجليزية: special relativity) التي قدّمها ألبرت أينشتاين (بالإنجليزية: Albert Einstein) في عام 1905م، فقد اعتمد نيوتن في قوانينه على افتراض أنّ كلّاً من الوقت، والكتلة، والمسافة تُعدّ عوامل ثابتة بغض النظر عن المكان الذي تُؤخذ منه القياسات، أمّا النظرية النسبية لأينشتاين فاعتمدت على افتراض أنّ مكان المراقب، أو النقطة المرجعية تلعب دوراً مهمّاً في التأثير على الزمان، والكتلة، والمسافة.
يتحرّك جميع الأشخاص الذين يعيشون على الأرض وفقاً لإطار مرجعي واحد، في حين أنّ الإطار المرجعي لروّاد الفضاء الموجودون في المركبة الفضائية سيكون مختلفاً، ويجدر بالذّكر أنّه عند الوجود ضمن نفس الإطار المرجعي، فإنّه يُمكن عندها تطبيق قوانين نيوتن، إلّا أنّ المشكلة تظهر في الحالة التي يتمّ فيها ملاحظة الأشياء من إطارين مرجعيين مختلفين عن بعضهما، وفي هذه الحالة تُعتمد نظرية النسبية الخاصّة لوصف الحركة بشكلٍ دقيق، هذا ولا يُمكن اعتبار النظرية النسبية بديلاً عن قوانين نيوتن في الحركة، والجاذبية، بل إنّها مكمّلة له، إذ إنّ لكلٌّ منها حالاته الخاصّة.
إقرأ أيضا:معلومات عن كوكب المريخمسارات الكواكب حول الشّمس
تتحرّك كواكب المجموعة الشمسية في مداراتٍ معيّنة حول الشّمس، وفيما يلي وصف لحركة هذه الكواكب:
- كوكب عطارد: يُعدّ كوكب عطارد أقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشّمس، إذ يبلغ متوسط المسافة بينه، وبين الشمس ما يُقارب 57.9 مليون كم، ويدور عطارد حول الشمس بمدار إهليجيّ، وبسرعة أكبر من سرعة دوران باقي الكواكب، فهو يقطع ما يُقارب 48كم/ث، هذا ويحتاج عطارد إلى 88 يوماً أرضياً ليُكمل دورة واحدة حول الشمس، لذلك تُعادل سنة كوكب عطارد نحو 87.97 يوماً أرضياً.
- كوكب الزهرة: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب الزهرة، والشّمس 108.2 مليون كم، ويحتاج الزهرة إلى ما يُقارب 225 يوماً أرضياً ليكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له نحو 35كم/ث، في حين تصل مدّة دورانه حول محوره إلى 243 يوماً.
- كوكب الأرض: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب الأرض، والشمس 149.6 مليون كم، ويحتاج الأرض إلى نحو 365.26 يوماً أرضياً ليُكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له ما يُقارب 29.79كم/ث، في حين يدور حول نفسه في مدّة تبلغ 23.93 ساعة.
- كوكب المريخ: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب المريخ، والشّمس نحو 228.0 مليون كم، ويحتاج المريخ إلى ما يُقارب 687 يوماً أرضياً ليتمّ دورة واحدة حول الشّمس، إذ يبلغ متوسط سرعته المدارية 24.14كم/ث، بينما يحتاج إلى يوم، و37 دقيقة لينهي دورانه حول محوره.
- كوكب المشتري: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب المشتري، والشّمس 778.3 مليون كم، ويحتاج المشتري إلى 11.86 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له 13.06كم/ثانية، في حين يحتاج إلى 9.92 ساعة ليكمل دورة واحدة له حول محوره.
- كوكب زحل: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب زحل، والشمس 1.4 مليار كم، ويدور زُحل حول الشمس مرة واحدة كلّ 29.46 عاماً أرضياً، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له 9.64كم/ث، بينما يدور حول محوره في مدّة تبلغ 10.66 ساعة.
- كوكب أورانوس: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب أورانوس، والشمس 2.871 مليار كم، ويحتاج أورانوس إلى 84.01 سنة أرضية ليتمّ دورة واحدة له حول الشمس، وبمتوسط سرعة مدارية تساوي 6.81كم/ث، في حين يدور حول نفسه في مدّة تبلغ 17.24 ساعة.
- كوكب نبتون: يبلغ متوسط المسافة بين كوكب نبتون، والشمس 4.497 مليار كم، ويحتاج نبتون مدّة تصل إلى 165 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة له حول الشمس، إذ تبلغ سرعته المدارية نحو 5.43كم/ث، بينما يدور حول نفسه مرة كلّ 16.11 ساعة.