الطاقة الكهربائيّة
تعرّف الطاقة بشكل عام بأنّها القدرة على القيام بشُغل ما،، وللطاقة أشكال عديدة مستخدمة في الحياة، ومن أهمّها الطاقة الكهربائية التي تتميّز بسهولة الاستخدام وسهولة تحويلها لأشكال أخرى من الطاقة، إلّا أنّه يصعب تخزينها بكميّات كبيرة، وتتنوّع استخدامات الكهرباء ومجالاتها، إذ تُستخدم في تشغيل الأجهزة الكهربائية، وتدفئة المنازل، وعمليات النقل، والمجالات الصناعية، والعديد من الاستخدامات المنزلية، والكثير من التطبيقات المعقّدة، وتُمثّل الطاقة الكهربائية ما نسبته 18% من مجموع أنواع الطاقة المختلفة المستخدمة في العالم.
يُعبّر عن الطاقة الكهربائية بأنّها الطاقة المُخزّنة في الجسميات المشحونة في الذرة والتي تولّد مجالاً كهربائياً يُحيط بها، حيث تنشأ قوى كهربائية بين هذه الجسميات والجسيمات المشحونة الأخرى داخل المجال الكهربائيّ، وبذلك فإنّ القوة الكهربائية هي قوة ناشئة عن المجال الكهربائي تجعل الجسيمات المشحونة تتحركّ أيّ أنّها تبذل شغلاً، ويُشار إلى أنّ الطاقة الكهربائية تُعدّ مصدراً ثانوياً للطاقة أيّ أنّه لا يتمّ تعدينها واستخراجها من باطن الأرض كما في الفحم الحجري، بل هي مشتقّة من مصادر طاقة أولية؛ كالفحم، والغاز الطبيعي، والتفاعلات النووية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وغيرها.
تخزين الطاقة الكهربائية
يخلق تدفّق الإلكترونات ما يُسمّى بالتيّار الكهربائيّ، إذ تتدفّق الإلكترونات نتيجة تأثّرها بمجالات كهربائية وأخرى مغناطيسية مترابطة، ممّا يؤدّي إلى إيجاد طاقة كهربائية تُحرّك الشحنات، ويُمكن تخزين هذه الطاقة باستخدام المكثّفات أو البطاريات للاستفادة منها في تطبيقات عديدة، كما يُمكن توصيل الكهرباء بسهولة عبر أسلاك مصنوعة من مواد موصلة للكهرباء كالمعادن، حيث يُطلق على نظام نقل الطاقة مُسمّى الشبكة الكهربائية.
إقرأ أيضا:ما هي المياه الجوفيةتطبيقات الطاقة الكهربائية
يُعتبر التيار الكهربائي المستخدم في تشغيل الأجهزة الكهربائية من الأمثلة على استخدامات الطاقة الكهربائية وتحويلاتها، فهو يُحوّل الطاقة الكهربائية إمّا لطاقة حرارية، أو ضوئية، أو ميكانيكية، أو غيرها، كما أنّ البطاريات تُعتبر مصدراً جيّداً للطاقة الكهربائية، لكن التيار الكهربائي الناتج عنها هو تدفّق لأيونات المعادن المستخدمة في البطارية بدلاً عن الإلكترونات، ومن الجدير بالذكر أنّ الطاقة الكهربائية تلعب دوراً أساسياً في أجسام الكائنات الحية، فوجود الطاقة الكهربائية والتيار الكهربائي في الجسم هو أساس الاستجابات العصبية المختلفة وحركة العضلات، ويكون ذلك بتركّز أيونات الهيدروجين أو الإلكتورنات أو أيونات أخرى على جانب واحد من أغشية الأعصاب ممّا يُسبّب تجاذباً أو تنافراً وبالتالي انقباضات أو انبساطات تُمثّل الاستجابات العصبية.
آلية توليد الطاقة الكهربائية
اكتشف العالم البريطاني مايكل فاراداي وسيلةً لتوليد الطاقة الكهربائية في الربع الأول من القرن التاسع عشر، وذلك من خلال إدخال حلقة أو قرص معدنيّ كالنحاس باعتباره موصل جيّد للكهرباء داخل مجال مغناطيسيّ ناتج عن أقطاب مغناطيسية مختلفة، ممّا يؤدّي إلى خلق مجال كهربائي يُحرّر الإلكترونات والأيونات السالبة في الموصل تحت تأثير قوى التجاذب والتنافر الكهربائية، حيث تنجذب الإلكترونات للأيونات والبروتونات موجبة الشحنة وتتنافر مع الإلكترونات والأيونات المتماثلة معها في الشحنة.
يتمّ توليد الكهرباء في محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تستخدم غالباً مصارد الوقود، مثل: الفحم، أو النفط، أو الغاز، أو الطاقة النووية، لإنتاج الحرارة اللازمة لتسخين المياه لدرجة الغليان وتوليد البخار الذي يتمّ استخدامه في تشغيل التوربينات البخارية تحت ضغط مرتفع، إذ يتّصل التوربين بالمولّد الكهربائي الذي يعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية لإنتاج الكهرباء وإيصالها للشبكة من خلال أسلاك موصلة، وتشترك محطات توليد الكهرباء بأجزاء أساسية وذات أهمية قصوى في عملية توليد الكهرباء، وهي كالآتي:
إقرأ أيضا:كيف يستخرج اللؤلؤ- وحدة الغليان: (بالإنجليزية: Boiler)، تُسخّن وحدة الغليان المياه لتُصبح بخاراً ذا ضغط مرتفع، وذلك باستخدام مصادر طاقة عديدة مثل الفحم والنفط والغاز، أو باستخدام الغازات الناتجة عن احتراق الكتلة الحيوية أو معالجة النفايات وحرقها، وتختلف هذه المصادر بأضرارها البيئية وانبعاثاتها السامة مثل ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة.
- المولّد الكهربائي والتوربينات: يُستخدم بخار الماء فائق التسخين (بالإنجليزية: Super Heated Steam) الذي تمّ تسخينه في وحدة الغليان لتدوير شفرات التوربين التي تكون موصولةً مع الملفّ النحاسي للمولّد الكهربائي، ممّا يؤدّي لدورانه ضمن مجال مغناطيسي لتتمّ عملية توليد الكهرباء.
- مياه التبريد: بعد انتقال البخار من التوربين يجب تبريده وتكثيفه ليتمّ استخدامه مرّةً أخرى في دورة جديدة، وقد يتمّ تبريده باستخدام مياه يتمّ ضخها من بحيرة أو نهر قريب، أو باستخدام تقنية أبراج التبريد.
مصادر توليد الطاقة الكهربائية
مصادر حرارية
تستخدم أغلبية محطات توليد الطاقة الكهربائية الوقود لتسخين المياه اللازمة لتوليد البخار واستكمال دورة توليد الكهرباء المسّماة بدورة رانكن (بالإنجليزية: Rankine cycle)، ويحكم القانون الثاني للديناميكا الحرارية جميع المحطات الكهربائية، وهذا يعني أنّها لا تستطيع تحويل طاقتها الحرارية لكهرباء بكفاءة 100%، ومن الأمثلة على المصادر الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية ما يأتي:
إقرأ أيضا:أهمية الحفاظ على الماءالوقود الأحفوري
تحرق محطات التوليد الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة من نفط وغاز وفحم لتوليد بخار الماء اللازم لتشغيل المحطة، وفي محطات الكهرباء الغازية تُشغّل الغازات التوربين فتتحرّك شفراته مباشرة، أمّا في محطات الكهرباء ذات الدورة المُركّبة فيُستخدم مولّد بخاري (بالإنجليزية: steam generator) لزيادة إنتاج الكهرباء، ومن الجدير بالذكر انّه في العام 2017م أنتج العالم نسبة 64.5% من حاجته للكهرباء اعتماداً على الوقود الأحفوري.
الوقود النووي
تتشابه عملية توليد الكهرباء في محطات الطاقة النووية مع محطات التوليد باستخدام الوقود الأحفوري، إلّا أنّها تعتمد على حرارة الانشطار النووي بدلاً عن حرق أنواع الوقود الأحفوري لإنتاج بخار الماء، وتتميّز هذه المحطات بقلّة انبعاثاتها الضارة بالبيئة والملوّثة للهواء، فهي لا تحتاج لكميات كبيرة من الوقود على عكس غيرها من محطات توليد الكهرباء التقليدية.
مصادر متجددة
تتميّز محطات الطاقة الكهربائية المتجددة باكتساب طاقتها مباشرةً من مصادر الطاقة المتجددة غير القابلة للنفاذ، لكن هذه المصادر غير متوافرة في كلّ وقت ومكان، ممّا يجعل المحطات متقطّعةً في الإنتاج وغير قابلة للاعتماد عليها بشكل كامل، ومن المصادر المتجددة للطاقة الكهربائية ما يأتي:
طاقة المياه
يتمّ إنتاج الطاقة الكهرومائية عن طريق تخزين كميات هائلة من المياه في السدود، ثمّ السماح لها بالتدفّق عبر بوابات خاصة لتمرّ عبر توربينات مائية لتوليد كميّات كبيرة من الكهرباء الصديقة للبيئة، كما يُمكن استغلال جريان الأنهار في إنتاج الطاقة الكهرومائية، ومن محددات هذه الطريقة أنّها محكومة بإيجاد موقع مناسب لبناء السد وبناء محطة طاقة كهرومائية عليه.
الطاقة الشمسية وطاقة الرياح
تعدّ طاقة الرياح والطاقة الشمسية من أشهر مصادر الطاقة المتجددة المستخدمة في عملية توليد الكهرباء، وتتميّز الطريقتان بانبعاث كميات قليلة جداً من الغازات المُسبّبة للاحتباس الحراري، وفي عام 2017م أنتج العالم ما نسبته 4.4% و1.3% من إجمالي حاجاته للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على التوالي، ولكن من أبرز عيوب هاتين الطريقتين اعتمادهما بشكل مباشر على حالة الطقس ممّا يمنعهما من إنتاج الكهرباء بمقدار ثابت ومستمر، فتوربينات الرياح تعتمد على سرعة الرياح فلا تولّد الطاقة الكهربائية أثناء سرعات الرياح المنخفضة أو القوية جداً، كما أنّ ألواح الخلايا الشمسية تعتمد على عدّة عوامل لتوليد الكهرباء، مثل: الوقت، واليوم، والفصل، وحالة السماء إذا كانت صافيةً أو غائمة، كما تتأثّر بمستوى نظافة الألواح نفسها.
طاقة الحرارة الأرضية
ترتفع الحرارة كلّما زاد العمق في الأرض بعيداً عن القشرة؛ وذلك نتيجة الضغط، والتحلل الإشعاعي، ووجود الصخور المنصهرة، ومن الأدلة على ذلك تفجّر عيون المياه الساخنة ودفعها للبخار والماء الساخن لسطح الأرض، وهو ما جذب انتباه مهندسي الطاقة لهذا المصدر المهم للطاقة، حيث تمّ استغلال هذه الطاقة وبناء محطات بأنواع مختلفة، لكن من أبرز عيوب هذا المصدر صعوبة العثور على موقع مناسب، كما أنّ استغلال بعض المواقع قد يؤثّر على تسخين المياه في جوف الأرض.