الصناعة والبيئة
جدول المحتويات
يعود قطاع الصناعة بالعديد من النتائج الإيجابية التي تنعكس على المجتمع، إذ يساهم بتشغيل العمالة، ومكافحة الفقر، بالإضافة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتوفير التعليم والرعاية الصحية للعديد من الأفراد، وعلى الرغم من وجود هذه المنافع الكثيرة إلّا أنّ العمليات الصناعية قد تعود بالعديد من الآثار السلبية على البيئة، ومنها، التغيّرات المناخية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتلوّث الماء والهواء، بالإضافة إلى انقراض بعض أنواع الكائنات الحية، وتشكّل جميع هذه الآثار تهديداً للبيئة في جميع أنحاء العالم، إلى جانب كونها خطراً على الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية.
يعدّ قطاع الصناعة من أكبر القطاعات التي تساهم في تدهور البيئة، وعلى الرغم من أنظمة الدول الصناعية وتقنياتها المتقدّمة التي تُلزم فيها المنشآت للحدّ من هذا الأثر، إلّا أنّ الأنشطة الصناعية الكثيرة والطلب المتزايد عليها ما زال يشكّل ضغطاً على البيئة ومواردها الطبيعية، أمّا البلدان النامية فتعاني البيئة فيها من تأثير سلبي مضاعف، إذ إنّ الأثر البيئي القديم لا يزال قائماً ولم يتمّ حلّه، مثل إزالة الغابات، وانجراف التربة، إلى جانب ظهور مشاكل جديدة مرافقة لعمليات التصنيع، مثل ارتفاع نسبة الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، وتلوّث المياه والهواء، وارتفاع حجم النفايات، وحدوث التصحّر، والتلوّث الكيميائي.
أثر الصناعة على البيئة
الاحترار العالمي
يعود سبب تغيّر المناخ وحدوث الاحترار العالمي أو ما يُعرف بالاحتباس الحراري إلى الأنشطة الصناعية التي تُمارس منذ سنين، وما ينتج عنها من إطلاق لغازات سامّة للغلاف الجوي نتيجة عمليات الاحتراق، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، إذ يمتصّ هذان الغازان أشعة الشمس، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وفيما يأتي بعض الآثار التي تترتّب على ظاهرة الاحترار العالمي:
إقرأ أيضا:أنواع الأقمار الصناعية- تعرّض بعض أنواع الكائنات الحية إلى خطر الانقراض.
- ذوبان القمم الجليدية.
- ارتفاع مستوى مياه البحر.
- ارتفاع درجة حرارة الأرض.
- ارتفاع نسبة حدوث الكوارث الطبيعية، مثل تسونامي، والأعاصير، والفيضانات، وغيرها.
- زيادة احتمالية تعرّض الإنسان إلى خطر الإصابة بالأمراض، كالكوليرا، والملاريا، واللايم.
تلوّث الماء
يُعرّف تلوّث الماء بأنّه دخول مواد سامّة للبحيرات، والأنهار، والمحيطات، وذوبانها فيها أو تراكمها على سطحها، ممّا يسبّب انخفاض في جودة وخصائص المياه، ولا يقتصر تلوّث المياه على مصادر المياه السطحية، وإنّما يشمل أيضاً مصادر المياه الجوفية التي قد تصبح ملوّثة إذا تسرّبت الملوّثات ووصلت إليها، وهذا قد يؤدّي بدوره إلى تلوّث المياه التي تُستخدم من قبل الإنسان في أنشطته اليومية داخل المنزل، ومن ضمنها مياه الشرب.
تسكب المصانع في جميع أنحاء العالم مياهها الملوّثة، والمواد الكيميائية المحمّلة بالمعادن الثقيلة، والمواد المشعّة في مجاري المياه الرئيسية، ممّا يسبّب ضرراً للكائنات الحية البحرية والبيئة بشكل عام، وهذا يجعل المصانع المسبّب الرئيسي لتلوّث المياه، ولكنّ هذا لا ينطبق على جميع المصانع، بل فقط المصانع الموجودة ضمن مناطق غير منظّمة، والتي تتخلّص من نفاياتها السامّة بطريقة أقلّ كلفة، أي عبر إلقائها في المحيطات والأنهار.
تلوّث الهواء
يحدث تلوّث الهواء عندما تنتشر ملوّثات ضارّة فيه، ممّا يؤثّر على صحة الإنسان وكوكب الأرض بشكل عام، ويعدّ سكان المناطق الحضرية الذين يشكّلون أكثر من 80% من إجمالي عدد السكان أكثر عرضة لتلوّث الهواء، إذ تتعدّى نسبة الملوّثات في هواء هذه المناطق الحدّ المسموح به من قبل منظّمة الصحة العالمية، وإلى جانب ذلك يعدّ سكان البلاد متوسّطة ومنخفضة الدخل أيضاً أكثر عرضة لتلوّث الهواء من غيرهم.
إقرأ أيضا:أساليب الإدارة الحديثةيتأثّر الإنسان بكمية الملوّثات والغازات السامّة التي تأتي من المصانع والسيارات ويتمّ إطلاقها في الهواء، ممّا يسبّب تلوّثه، إذ ترفع هذه الملوّثات نسبة خطر إصابة الإنسان بالأمراض التنفّسية المزمنة، وسرطان الرئة، وأمراض القلب، والعديد من الأمراض الأخرى، كما يؤثّر تلوّث الهواء على الحياة البرية، فقد يسبّب انقراض بعض أنواع الحيوانات والنباتات.
تلوّث التربة
يؤدّي تعرّض التربة لمواد غريبة وسامّة بتراكيز عالية إلى تلوّثها، ممّا ينتج عنه الكثير من المخاطر الصحية، ويجدر بالذكر أنّ تلوّث التربة من الأخطار التي يصعب ملاحظتها وتقدير حدوثها فور وقوعه، وهذا بدوره يؤدّي إلى نتائج سيئة تؤثّر على الأمن الغذائي، وذلك من خلال إضعاف عمليات الأيض في النباتات، وبالتالي انخفاض كمية المحصول، إلى جانب كون المحاصيل الناتجة غير آمنة للاستهلاك، ويسبّب تلوّث التربة أيضاً الضرر للكائنات الحية التي تعيش داخلها والمسؤولة عن المحافظة على خصوبتها.
تشمل المواد الخطرة والمسبّبة لتلوّث التربة كلّ من: الزرنيخ، والرصاص، والكادميوم، والمواد الكيميائية العضوية، بالإضافة للملوّثات المستجدّة (emerging pollutants)، والتي تتضمّن الأدوية، والملوّثات البيولوجية، والنفايات الإلكترونية التي تتكوّن من الأجهزة الإلكترونية القديمة، والمواد البلاستيكية، إذ يتمّ التخلّص من النفايات البلاستيكية والإلكترونية عبر مدافن النفايات ولا يُعاد تدويرها.
تُعدّ الأنشطة البشرية المسبّب الأكبر لتلوّث التربة، وذلك من خلال الأنشطة الصناعية والعمليات المختلفة، مثل عمليات التعدين، والصهر، والتصنيع، بالإضافة للمخلّفات المنزلية، ومخلّفات الماشية، والمبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب، وأسمدة الزراعة، والمشتقّات النفطية، إذ يتمّ إلقاء المخلّفات الصناعية وغيرها داخل مدافن النفايات، ممّا يؤدّي إلى انبعاث المواد السامّة والكيميائية التي تصل للتربة وتتحلّل فيها.
إقرأ أيضا:أحدث ماكينات الخياطةتأثيرات صحية
تتأثّر صحة الإنسان بالتعرّض لتلوّث الماء، والهواء، والتربة، فيصبح أكثر عرضة للأمراض، وحسب تقارير منظّمة الصحة العالمية فإنّ 5% تقريباً من الأشخاص المصابين بسرطان الرئة يُعود سبب مرضهم إلى تعرّضهم للتلوّث لفترة طويلة من الزمن، والذي يعدّ أيضاً المسؤول عن نسبة صغيرة من التهابات الصدر، وأمراض الرئة، والقلب، وقد أدّى ذلك إلى تصعيد مطالب قانونية ضدّ بعض أماكن العمل؛ بسبب تعرّض العاملين فيها للوقود وغيره من الملوّثات بشكل كبير جداً.
تأثيرات بيئية
تعاني العديد من الكائنات الحية من خطر الانقراض، وذلك بسبب المصانع التي تساهم في تدمير البيئة، وزيادة الطلب على الموارد الطبيعية كالخشب، والفحم، والنفط، إذ ينتج عن محاولات الحصول على الخشب بكميات كبير العديد من الآثار، مثل إزالة الغابات، وتجريد الحيوانات والكائنات البرية من موائلها الطبيعية، كما تسبّب عمليات التعدين هجرة الحيوانات من أمكانها للبحث عن أماكن أخرى للعيش والبقاء على قيد الحياة، أمّا تسرّبات النفط وإلقاء النفايات فتؤدّي إلى إلحاق الضرر بالحياة البرية، ولذلك يجب السيطرة على هذه الأضرار وتقليلها ما أمكن.