تعريف الأدب
تعريف الأدب لغة
تعود كلمة الأدب إلى المادّة الّلغويّة (أَدَبَ)، و(أَدَبَ فُلان: أدْباً) أيّ؛ قام بصناعة مأدبة، و(أَدَبَ فُلان القومَ) أي؛ قام بدعوتهم إلى مأدبته، كذلك (فُلان أدَّب فُلان) أي؛ علّمه محاسن الخُلُق، و(لقّن فُلان فنون الأدَب لفُلان) أيّ؛ قام بمُجازاته على الإساءة، و(أدّب فُلان الدّابة) أي؛ قام بتربيتها وترويضها، وأيضاً (تأدّب فُلان) أيّ؛ تعلّم الأدَب، و(تأدّب فُلان بأدَب القرآن) أي؛ قام على بالسّير على نهجه، أمّا كلمة (الأدَب) فتُقال عن عمليّة تهذيب النّفس وتعليمها، وقد يحمل الأدَب معنى: “ما ينبغي لصاحب الشيء أن يتعلّمه”، مِثل قول (أدَب القاضي) أو (أدَب الكاتب)؛ أي ما ينبغي للقاضي والكاتب أن يتعلّمه ليكون قاضياً أو كاتباً.
ويجب الإشارة إلى أنّ كلّ ما ينتجه العقل الإنسانيّ من صُنوف المعرفة يُسمّى (أدباً)، و(الأدَب) عند المُتقدّمين يتضمّن (الّلغة، والصّرف، والاشتقاق، والنّحو، والمعاني، والبيان، والبديع، والعروض، والقافية، والخطّ، والإنشاء، والمحاضرات)، وتُطلق لفظة (آداب) -على وجه الخصوص- على علوم (الأدب، والتّاريخ، والجغرافيا، والّلسان، والفلسفة)، أمّا الآداب -على وجه العُموم- فتُطلق على الأعراف المُقرّرة التي يرضاها النّاس، أمّا بالنّسبة لآداب البحث والمُناظرة؛ فهي مجموعة القواعد التي تُعنى في بيان وتنظيم هيئة المُناظرة وشُروطها.
تعريف الأدب اصطلاحاً
يُعدّ الأدب أحد الألوان التّعبيريّة والإنسانيّة حول أفكار الإنسان وعواطفه ومخاوفه، والتي يعبّر عنها باستخدام الأساليب الكِتابيّة المُتنوّعة، والتي تُعطي مجالات واسعة للتّعبير، ويجب الإشارة إلى أنّ الأدب يتعلّق بالّلغة تعلّقاً كبيراً؛ فاللّغة أو الثّقافة التي يتمّ تدوينها، تُحفظ على هيئة “الأدب” بأشكاله المُختلفة، وقد أُطلِق الأدب على ما يُكتب من الأعمال الشِّعريّة، والنّثريّة التي تحتوي على الجماليّات الخياليّة والتّصويريّة، لغاية إيصال معانٍ مُعيّنة مِن قِبل كُتّابها، والجدير بالذِّكر أنّ الأدب يُصنّف إلى عدّة تصنيفات بحسب الّلغة، أو الموضوع الأدبيّ، أو نوع الأدَب، كذلك بحسب الفترة التّاريخيّة الوارد فيها، وحسب قوميّة الشّعوب أيضاً.
إقرأ أيضا:خصائص السيرة الذاتيةومن الأمثلة على الأعمال الأدبية القديمة (المُعلّقات العربيّة القديمة)، و(الملاحم الإغريقيّة)، كذلك ما قام أهل مِصر القدماء بتسجيله، أما في الواقت الحاضر فظهرت الكثير من الأعمال الأدبية التي كُتبت على شكل روايات، ومسرحيات، ورحلات، وغيرها من الأشكال الأدبية، مثل (روايات نجيب محفوظ)، و(مسرحيّات وليام شكسبير)، وما كُتب من (رحلات ابن بطوطة)، إلى جانب ما كُتِب من السِّير الذّاتيّة والهزليّة وما يدور حول ذلك.
تطوّر دلالات كلمة الأدب تاريخيّاً
مرّت لفظة (الأدب) بالعديد من التّطوّرات خلال العصور المُختلفة بدءاً من الجاهليّة حتّى العصر الحاضر، وذلك مُزامنة مع تطوّر الحياة العربيّة، فعلى سبيل المِثال كانت لفظة (الأدب) تعني بالجاهليّة؛ “الدّعوة إلى الطّعام”، كما قال الشّاعر (طرفة بن العبد) في الشّطر الثّاني من بيت شِعريّ له: (لا ترى الآدِب فينا ينتقِرْ) أي؛ لا ترى من يدعو إلى الطّعام منهم يُطعم أحداً ويستثني آخر، أمّا في العصر الإسلاميّ فقد تطوّر معنى الكلمة ليُصبح “الخُلُق الحسن”، ثمّ توسّعت هذه الدّلالة في صدر الإسلام لتكون دلالتها مُشيرة إلى “التّهذيب والتّربية”.
استمرّ تطوّر مُفردة الأدب في العصر الأمويّ، إلّا أنّها توجّهت إلى الارتباط بالجانب التّعليميّ، وتحديداً في دراسة كِتاب الله، والأحاديث النّبويّة، والتّاريخ، والفقه، بالإضافة إلى دراسة المأثورات من الشِّعر والنّثر، والجدير بالذِّكر أنّ هذا التّطوّر لم يتوقّف هُنا، بل انتقل إلى معنى آخر ليشمل علوم البلاغة، والّلغة، وكلّ ضروب المعرفة وكان ذلك في العصر العبّاسيّ الأوّل، ثمّ تخصّص في العصر العبّاسيّ الثّاني بعُلوم الّلغة والنّحو، مع الاهتمام الذي وقع للنّثر والشِّعر وشرحهما وانتقادهما، حتّى انتهت كلمة الأدب في الوقت الحالي إلى الدلالة عن “الكلام المُتقَن بلاغيّاً”، والذي يُعنى بما يُعبّر الإنسان من خِلاله عن مشاعِره وتجاربه بلُغة ممزوجة بالخيال والحقيقة؛ لتُحدث أثراً على القارئ والسّامع.
إقرأ أيضا:كيفية كتابة تقرير حول ندوةكما تختلف آراء العلماء واللغويين لمفهوم الأدب، وفيما يلي عرض لبعضٍ منها:
- الأدب عند ابن خلدون يضمّ المعرفة الدّينيّة وغير الدّينيّة.
- الأدب عند ابن قُتيبة يتناول السُّنن السُّلوكيّة التي وجب مُراعاتها عند فئة مُعيّنة من النّاس.
- الأدب في بداية القرن التّاسع عشر يتضمّن كلّ ما ينظمه العقل أو الشّعور من الكلام البليغ، والذي يُفضي إلى التّأثير بعاطفة القارئ والسّامع.
- الأدب عند الغرب يتمثّل في مجموعة الأعمال النّثريّة والشِّعريّة المُميّزة بأسلوب بليغ، وبفكرة خاصّة بشعب ما، وبلغة ما، وهو كلّ ما يُنتجه الإنسان ممّا هو محفوظ ومطبوع.
نشأة الأدب
نشأة الأدب العربيّ
يتّسم الأدب العربيّ بكونه عِلماً قديم الوُجود، يتأثّر في نظمه بالحياة البشريّة، فهو يتطوّر وينتقل من مكان لآخر ويرقى بالتّزامن معها، وقد تطور الأدب العربي لتداخله مع العديد من آداب الأمم السابقة، يُذكر منها:
الأدب الفارسيّ
كان لدخول الفرس الإسلام واتّخاذهم العربيّة لغة تواصل لهم مع العرب دور مهمّ في دخول الحِسّ الفارسيّ إلى الألفاظ والتّراكيب والأوزان العربيّة، هذا بالإضافة إلى ما يتّسم به شِعرهم من التّسلسل المنطقيّ في نظمه، والجدير بالذِّكر أنّ هذا التّأثر بالفُرس وما أحدثه من إضافات على لغة العرب التي كان طابعها العامّ المُناسب لوضعهم الاجتماعيّ هو “البداوة الصّحراويّة”، أوجد ألفاظاً لمُسميّات لم تكن واردةً عند العرب، وانعكس ذلك أيضاً على التّعابير.
إقرأ أيضا:أنواع الخطابولم يقتصر هذا التّأثر على الألفاظ والتّعابير الّلغويّة، إنّما انتقل إلى تناقل عدد كبير من الحِكم الفارسيّة، كذلك الأنغام الفارسيّة التي امتزجت مع الشِّعر العربيّ، حتّى تداخلت في مجالس الغناء الأدبيّة التي يتم فيها تناول الشِّعر المُغنى ونقده، ويجب الإشارة إلى ما أنشأه (عبد الحميد الكاتب) في أسلوب الكتابة ضمن مدرسته الخاصّة، والذي دخل إلى قائمة ما تأثّر به العرب من الفُرس.
الأدب اليونانيّ
تأثّر العرب في أهل اليونان من الجانب الفلسفيّ أكثر من الجانب الأدبيّ؛ لاهتمام العرب بعد دخولهم الإسلام بأمور الدّين أكثر من العلوم والآداب، وهذا ما جعل الأدب الفارسيّ يتقدّم على اليونانيّ من النّاحية التّأثيريّة؛ لِما تذوّقوه من عاداتهم وألِفوه لهم، في حين أنّ أهل اليونان بعيدون كلّ البُعد عن العرب دينيّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً، إلّا أنّ هذا لا يعني عدم تأثر العرب بهم في بعض الجوانب، كالأشعار التي أظهرت تأثّرها بالنّصرانيّة في عهد الإسلام، وذلك في أشعار (الأخطل)، و(القطاميّ)، هذا بالإضافة إلى ما نقله العرب من الحِكم اليونانيّة؛ لِموافقتها مع ذوقهم الأدبيّ.
الأدب السّريانيّ
لم يكن دور السّريان في أدب العرب قليلاً؛ حيث صُنّفت أصول النّحو والصّرف على الهيئة السّريانيّة؛ كونها لغات شقيقة، كما كان لهم الفضل في نقل العلوم اليونانيّة وآدابهم وآداب غيرهم من الأمم إلى العرب، خاصّة مع الألفاظ العلميّة الجديدة التي دخلت معها بعد ترجمتها، وهذا ما يجعل سبب انتشار الثّقافة اليونانيّة في (العراق، والشّام، والإسكندريّة) يعود للسريان في عمليّات النّقل والتّرجمة، كما أنّ تأثّر العرب بغيرهم من الثّقافات يُبطل القول الذي يُنادي بأنّ العرب كانوا بعيدي الاختلاط عن غيرهم قبل العصر العباسيّ، والجدير بالذِّكر أنّ السّريان ساهموا في نشر الفلسفة اليونانيّة -تحديداً- المذهب الأفلاطونيّ، كما كان السّمت العام لتأثير السّريان في العرب فيما قاموا بترجمته أكثر ممّا قاموا بتأليفه، فقد أفادوا العرب بإرث أدبيّ كبير، ويظهر ذلك جليّاً في الشِّعر العربيّ العباسيّ الذي يحتوي على طابع سريانيّ واضح، مع ميول شِعرهم إلى الدّينيّ.
ويجب الإشارة إلى أنّ السّريان كانوا ينقلون علوم اليونان على درجة كبيرة من الأمانة، أمّا بالنّسبة إلى الإلهيّات، فقد كانوا يعدّلونها بما يتّفق مع المسيحيّة، وعندما تُنقل إلى العرب المُسلمين يقومون بفعل الأمر ذاته، فيأخذون منها ما يتّفق مع تعاليم الدّين، ويجب الإشارة إلى أنّ عمليّة التّرجمة عند السريان توسّعت من اليونانيّة إلى الّلغة الفهلويّة، ومِثال ذلك كِتاب (كليلة ودمنة)، والذي ساعدهم على نشر الثّقافة إلى العرب قيام مدارسهم بهذه المُهمّة؛ إذ قاموا بتعليم أبناء المُسلمين العلوم التي نقلوها وترجموها.
نشأة الأدب الغربيّ
بدأ الأدب عند الغرب في جنوب بلاد ما بين النّهريْن في مدينة سُومر، وذلك في عام (3200) قبل الميلاد، وتحديداً في مدينة أوروك في مِصر، ثمّ انتقل إلى أهل اليونان، حتّى وصل إلى روما، وتعدّ (إنخيدوانا) أول كاتبةٍ في التاريخ، حيث كتبت مجموعة تراتيل تمدح فيها الآلهة السّومريّة (إنانا) وذلك في الفترة ما بين (2250-2285) قبل الميلاد، والجدير بالذِّكر أنّ العديد من الأدبيّات الأولى في بلاد ما بين النّهريْن كانت ترتبط بالآلهة وأفعالها، حتّى تحوّل الاهتمام لاحقاً بالشّخصيّات كنعصر رئيسيّ في القصائد، وكان ذلك في الفترة الواقعة بين (2000-2600) قبل الميلاد.
يجب الإشارة إلى أنّ المُؤلّفات الأدبيّة في بدايتها كانت تنتهج النّهج التّعليميّ، وفي نفس الوقت كان هدفها الأساسيّ دينيّ، ومن هذه الأعمال (قصة الخلق البابلية) عام (1120) قبل الميلاد، أمّا بالنّسبة لأقدم الأعمال الأدبيّة، فإنّ (ملحمة جلجامش السّومريّة) التي كُتبت عام (2150) قبل الميلاد تعدّ واحدةً من أقدمها، والتي تناولت مواضيع عديدة، مِثل الفخر، والموت، وخيبة الأمل، كذلك الجنسيّة، والصّداقة، والبطولة، بالإضافة إلى البحث عما وراء الحياة الأبديّة، ومن الآثار الأدبيّة الأخرى: (الإلياذة ، وأوديسة، وسفر الخروج، وسفر نشيد الأناشيد، ومهابهاراتا، ورامايانا).
أقسام الأدب
يقع الأدب في قسمين اثنين، الأوّل هو الشِّعر وضروبه، والثّاني هو النّثر، وفيما يلي بيان لهما.
الشِّعر وضروبه
يُعرّف الشِّعر بحسب ما ورد في المُعجم الوسيط بأنّه الكلام المبنيّ على الوزن والقافية على وجه مقصود، أمّا بالنّسبة لاصطلاح أهل المنطق فقد عرّفوه بأنّه كلام مُؤلّف يتناول الأمور التّخيّليّة بقصد التّرهيب أو التّرغيب، وقد حصل الشِّعر على أهميّة كبيرة عند العرب؛ باعتباره أحد أدوات الحفظ عندهم، ويجب الإشارة إلى أنّه يقسّم إلى العديد من الأقسام، مِنها:
- شِعر الفخر: الشِّعر الذي يتناول مفاخر الأفراد أو الجماعات، وذلك بذِكر محاسِنهم، ومِثال ذلك:
وأنا الذي قتلت بكراً بالقنا
-
-
-
-
- وتركت تغلب غير ذات سنام
-
-
-
- شِعر الرِّثاء: الشِّعر الذي يختص بذكر محاسن الموتى، وما عُرفوا به، ومِثال ذلك قول (حسّان بن ثابت) في رثاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
بطيبـةَ رسـمٌ للرسـولِ ومعهـدُ
-
-
-
-
- منيرٌ ، وقد تعفو الرسـومُ وتهمـد
-
-
-
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمـةٍ
-
-
-
-
- بِها منبرُ الهادي الذي كانَ يصعـدُ
-
-
-
وواضحُ آيـاتٍ، وباقـي معالـم
-
-
-
-
- وربعٌ لهُ فيـهِ مصلـىً ومسجـدُ
-
-
-
- شِعر الغزل: الشِّعر الذي يتناول ذِكر مفاتن المرأة وحُسنها، هذا وقد كان العرب يفتتحون قصائدهم بذكر المرأة ومحاسنها، ومِثال ذلك ما بدأ به الشّاعر (كعب بن زهير) في قصيدته البردة التي ألقاها أمام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
بـانتْ سعادُ فـقلبي اليوم متبولُ
-
-
-
-
- مـتـيّمٌ إثـرها لـم يـفد مَـكْبولُ
-
-
-
ومـا سعاد غـداة البين إذْ رحلوا
-
-
-
-
- إلاّ أغـنُّ غضيضُ الطّرف مكْحُولُ
-
-
-
هيـفاءُ مـقبلةً عـجزاء مـدبرةً
-
-
-
-
- لا يـشتكى قـصرٌ مـنها ولا طُولُ
-
-
-
تجْلو عَوارِض ذي ظلْمٍ إذا ابتسمتْ
-
-
-
-
- كـأنّه مـنـهلٌ بـالرّاح مـعْلُولُ
-
-
-
- شِعر الذّم والهجاء: الشِّعر الذي يُقصد فيه الإهانة والتّقليل من الشأن، ومِثال ذلك قول (حسّان بن ثابت):
بني دارم لا تفخروا إن فخركم
-
-
-
-
- يعود وبالا عند ذكر المكارم
-
-
-
هبلتم علينا تفخرون وأنتم
-
-
-
-
- لنا خول ما بين ظئر وخادم
-
-
-
النّثر
النّثر هو الإنشاء المبنيّ على لغة تقوم على الفنّ والبلاغة، وبشكل بعيد عن الّلغة الجافّة والحديث العاديّ؛ إذ يتناول النّثر الكلام في هيئة بليغة ومليئة بالتّنسيق البيانيّ للألفاظ، والاختيار والتّنميق المُنسّق للجُمل والمعاني، وهذا ما يجعل النّثر أحد ألوان الإنشاء التّعبيريّ البليغ المُراد به التّعبير عن النّفس ومكنوناتها، كما أنّ النّثر يبتعد عن الأوزان والقوافي بخلاف الشِّعر، كذلك يقع في أوجه مُختلفة كأنْ يكون يكون نثراً بليغاً كالسّابق، أو أن يكون عاديّاً، وقد يقع فيما يخصّ النّثر العلميّ، وذلك بحسب الغرض المُراد منه.