كثيرًا ما نكتشف شخصيات ونفسيات الأطفال من حواراتهم المتبادلة بينهم، فهم يتحدثون لنفس المستوى العمري والفكري، وبالتالي لا يجدون حواجز ضد التعبير عن آرائهم، وأفكارهم، وما يحبون، وأمنياتهم، وأيضاً لأن الكبار لا يسمحون لهم بفرصة كبيرة للتعبير عن ما في داخلهم، وإذا تحدثوا سخر منهم الكبار من الكثير من الأشياء التي يقولونها، وربّما نعتوهم بالأغبياء أو الجهلة، وهذا واقعُ بأن الطفل لم يتعلم الكثير من الحياة فيجب أن يتم استيعابه بكل ما يريد أن يتحدث من أجله.
في حوارٍ بين طفلين الأول والده غني والآخر ميسور الحال يتحدثان عن أوضاعهما الاقتصادية والاجتماعية والتباين الواضح بينهما.
الأول:أنا كل ما أريده قبل أن أطلبه يكون متوفر لدي، فوالدي يحضر لي هدية كبيرة كل أسبوع غير الهدايا اليومية والجوائز، التي يمنحني إياها تحفيزًا لدراستي.
الثاني: أما أنا فأنتظر هدية نهاية العام، عندما أستلم الشهادة، وأكون فيها من المتفوقين، كم أشعر بالفرحة بفخر أبي بي أكثر مما اشعر بفرحتي بالهدية، أو الجائزة، التي يحضرها لي.
الأول: وما فائدة أن يفرح والدك، ثم لا يكون معك شيء تلعب به، أو تقضي عليه وقتك، أنا أطالب أبي بالهدايا قبل كل شيء.
الثاني: أنا أعلم كم هي جميلة الألعاب والأشياء، التي نود اقتنائها جميعًا، ولا أحد لا يحب أن يكون له بحرٌ من الألعاب التي يحبها، ولكنّ أبي لا يستطيع أن يوفر لي كل هذا وأنا أعلم أنه يعمل جاهدًا من أجل هدية آخر العام، لذلك لا أعتبر الهدية هي القيمة بقدر أنها رمز، هكذا كان يقول لي والدي كل هدايا العالم لا توفِ بقدرك يابني إنها كالعنوان والرمز وحسب، أما حبي لك وتقديري لتفوقك، هو شيء كبيرٌ جدًا، لا تسعه كلمات ولا هدايا.
إقرأ أيضا:كيف أجعل أمي تحبنيالأول: أشعر أنني بين شاعرين يكتبان شعرًا أو نثرًا، أنت ووالدك رائعين، لكن لأكون صريحا معك، فأنا لم أعش هذه المشاعر مع والدي، أحد أصدقائي جاء لمنزلي ورأى بأم عينه حواراتنا وطريقة عيشنا، فقال لي: أنت أشبه بمن يعيش في وزراة والطابع الغالب، هو رسمي بينكما، لم أًعر له اهتماما لكلامه لأني لا أعرف ما هو الرسمي، وماهو غير الرسمي، لا أعرف كيف أفرق بينهما كل ما أعرفه أن أطلب شيئا وينفذ لي على الفور؛ لكن عندما تحدّثت أنت شعرت بفرق الألفة الذي بيننا أنا وأبي، وأنت وأباك
الثاني: أنا لا أقول بأن المال لا يصنع علاقة جيدة، ولكني أقول لك ما أعيشه وحسب. أحب أن نخرج كل أسبوع لحديقة بسيطة نتناول فيها طعام الإفطار ونلعب سويةً وأجري مع والدي، هذه قمة السعادة عندي.
الأول: أما أنا فالرحلات والزيارات لا تتوقف كل يوم، لذا فهي روتين قاتل رغم أنه شيء جميل، لا أشعر بالنشوة التي تحياها أنت في أسرتك، أظن أني أمتلك المال وأنت تمتلك الأسرة الدافئة.
إقرأ أيضا:قصيدة عن لبنانالثاني: لم أنت حزين؟! يوماً ما سأمتلك أنا المال مع أسرتي الحنونة، وأنت ستصبح أسرتك دافئة وحنونة مع المال الذي ملكوه، وبهذا نعيش سعداء أكثر من كل البشر
الأول: أجل، صدقت سأسعى لذلك
الثاني: وأنا كذلك ياصديقي.