إقليم البتراء
يقع إقليم البتراء في الجزء الجنوبيّ من المملكة الأردنيّة الهاشميّة، حيث يُمثِّل امتداداً طبيعيّاً لسلسلة جبال الشراة المُطِلّة على وادي عربة، وهو يحتلُّ مساحة جغرافيّة تُقدَّر بنحو 900 كم²، كما أنّه يضمُّ عدداً من التجمُّعات السكّانية، مثل: منطقة وادي موسى، ومنطقة الطيّبة، بالإضافة إلى المَعالِم التاريخيّة، وأهمّها مدينة البتراء الأثريّة، والمنحوتة في الصخور الرمليّة ذات اللون الورديّ، ويتميَّز إقليم البتراء بجماليّة مُلفِتة في التراكيب، والتنوُّع الصخريّ، ممّا جعله يحتلُّ موقعاً مُتميِّزاً على خريطة السياحة الجيولوجيّة، بالإضافة إلى أنّ طبوغرافيّة الإقليم تُعَدُّ مُتنوِّعة بشكل كبير؛ فهناك الأراضي المُنخفضة الارتفاع التي يصل ارتفاعها إلى 600 م عن مستوى سطح البحر، ومنها الأراضي المُرتفعة التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 1500م؛ حيث نجد أنّ الأراضي في الجزء الشرقيّ من الإقليم تنحدر بشكل تدريجيّ، أمّا في الجهة الغربيّة فهي تُظهر انحداراً حادّاً، كما تُظهر الأودية (التي تجري فيها المياه خلال الشتاء) ميلاناً شديداً نحو الغرب، وانحداراً خفيفاً نحو الشرق.
مدينة البتراء الأثريّة
تُعتبَر مدينة البتراء، أو المدينة الورديّة، أو المدينة النبطيّة مدينة تاريخيّة أثريّة تُوجَد حاليّاً ضمن حدود المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وتحديداً في الجزء الأوسط من الصحراء الجنوبيّة للأردنّ، حيث أنشأها الأنباط قديماً، واتَّخذوها عاصمة لدولتهم، وقد جرى اكتشافها في عام 1812م على يد المُكتشِف، والرحّالة السويسريّ يوهان بوركهارت، واستمرَّت التنقيبات في تلك المنطقة، فتمَّ العثور في عام 2016م على هيكل أثريّ ضخم ما زال مدفوناً في الرمال. أمّا ما يُميّز البتراء هو كونها تُحفة رائعة، وعملاً فنّياً خالصاً؛ نظراً لكونها منحوتةً نحتاً في الجبال الصحراويّة التي تتكوَّن من الحجر الرمليّ ذي اللون الورديّ الغامق، وهو ما جعلها أهمّ المناطق جَذباً للسيّاح في الأردنّ، كما أنَّها تُمثِّل واحدة من أشهر، وأهمّ المناطق التراثيّة في العالَم، علماً بأنّ ملايين الزوّار يقصدونها من أنحاء العالَم جميعها كلّ عام.
إقرأ أيضا:تعبير عن شم النسيممناخ مدينة البتراء
يُعَدُّ المناخ السائد في إقليم البتراء المناخ المُتوسِّطي (مناخ البحر الأبيض المُتوسِّط)؛ بحيث تسود الأجواء الماطرة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، وتستمرُّ إلى شهر نيسان/أبريل، أمّا باقي شهور السنة، فهي تتميّز بطقس جافٍّ، وحارّ، حيث قد تصل درجة الحرارة إلى 40 درجة مئويّة، كما قد يصل مُعدَّل الهطول المطريّ خلال العام إلى حوالي 200ملم، وتزيد احتماليّة تساقُط الثلوج من شهر كانون الأوّل/ديسمبر، إلى آذار/مارس، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الدراسات الجوّية أظهرت أنّ المناخ الذي كان سائداً قديماً في المنطقة هو أكثر مُلاءمة للعيش، والحياة، ممّا هو عليه اليوم؛ فقد شهدت المنطقة عبر تاريخها الطويل تطوُّراً كبيراً في مناخها، وبيئتها.
المَعالِم البارزة في مدينة البتراء
تضمُّ مدينة البتراء الأثريّة العديد من المَعالِم البارزة المنحوتة بدقّة في الصخور الورديّة، والتي تُعتبَر مركزاً مهمّاً؛ لجَذب الزوّار، والسيّاح من داخل المنطقة، وخارجها، وأهمّ هذه المَعالِم:
- الخزنة: وتُعَدُّ من أبرز مَعالِم المدينة، حيث تُوجَد في نهاية السِّيق، وقد سُمِّيت بالخزنة؛ بسبب الاعتقادات السائدة عند السكّان المَحلّيين (البدو) بأنّ الجرّة التي في أعلاها تحتوي على كنز.
- السِّيق: وهو مَمرٌّ، وطريق مُلتوٍ محصور بين الجبال الشاهقة، إذ يبدأ هذا الطريق من السدِّ وصولاً إلى الخزنة، ويبلغ طوله حوالي 1200م، وارتفاعه نحو 80م، أمّا عرضه فهو يتراوح بين 3م-12م.
- السدّ: وهو سَدٌّ تمّ بناؤه على طريقة الأنباط بواسطة الحكومة الأردنيّة في عام 1964م، أمّا المكان الذي أُنشِئ عليه فهو مكان السدِّ القديم الذي بناه الأنباط في الزمن القديم ذاته؛ بهدف الحماية من الفيضانات العارمة التي تُسبِّبها الأمطار خلال فصل الشتاء.
- قَبر المسلّات: وهو بناء أثريّ مُكوَّن من طابقَين، حيث يعود تاريخ إنشاء الطابق الثاني إلى القرن الأوّل قَبل الميلاد، وهو يضمُّ حجرة مُخصَّصة؛ لدَفْن الملوك، علماً بأنّها تحتوي على 5 قبور.
- مدفن الحرير: ويقع بجوار قَبر المسلّات، وهو مبنى يبلغ ارتفاعه نحو 19م، وتتزيّن واجهته التي يبلغ عَرضها 11م بأربع أعمدة مُلتصِقة بالجدار، علماً بأنّ تاريخ إنشاء هذا المبنى يعود إلى النصف الأوّل من القرن الأوّل الميلاديّ.
- المَسرح: ويقعُ في وسط المدينة الورديّة، حيث يأخذُ شكل الدائرة بقُطر 95م، وارتفاع 23م، ومن الجدير بالذكر أنّ الأنباط نحتوا أجزاءه جميعها في الصخر عدا الجزء الأماميّ، علماً بأنّ تاريخ إنشائه يعود إلى القرن الأوّل للميلاد.
- مَعالِم أخرى، ومنها: الشارع المُعمَّد، وشارع الواجهات، وقبر القيصر، والقبر الكورنثي، ومدفن سكستوسفلورنتينوس، والكنائس، والحدائق، والمَعبد الكبير، ومعبد الأسود المُجنَّحة، ومُجمَّع أبنية البركة، بالإضافة إلى العديد من المَعالِم الأثريّة الأخرى.
نبذة تاريخيّة عن مدينة البتراء
مثَّلت البتراء قديماً موطناً للأنباط الذين جعلوا منها مركزاً للقوافل التجاريّة؛ فقد سيطر الأنباط على تجارة البضائع القادمة من الصين، والهند، والجزيرة العربيّة، حيث اشتملت هذه البضائع على العطور، والبهارات، والحرير، علماً بأنّ النشاط التجاريّ للأنباط ساهم في توسُّع دولتهم، وتحقيق الازدهار المادّي، والاكتفاء الذاتيّ، وهذا ما حافظ على هوّيتهم، وجعلهم قادرين على مُواجهة الحضارة اليونانيّة التي غَزَت المناطق المُحيطة، ومع مرور الوقت، تمكَّن الأنباط من إحكام سيطرتهم التجاريّة على المنطقة الواقعة بين دمشق، وشمال الجزيرة العربيّة، وذلك في فترة حُكم الملك الحارث الرابع (9ق.م-40م)، وممّا يجدر ذِكره أنّ هذه الفترة تُعتبَر من أكثر فترات عَهد الأنباط ازدهاراً، إلّا أنّ المدينة الورديّة سرعان ما فقدت مكانتها، وأهمّيتها بعد أن حوَّل الرومان طريق التجارة إلى مدينة تدمر، كما أنَّ الكوارث الطبيعيّة أثَّرت بشكل كبير على مدينة البتراء، ومع دخول الصليبيّين إلى المنطقة، بدأت أوضاع البتراء تتحسَّن؛ حيث تمّ بناء بعض القِلاع الصليبيّة على الجبال المُحيطة في البتراء، ولم يَدم ذلك طويلاً؛ إذ دخلها صلاح الدين الأيّوبي فاتحاً، ممّا أدّى إلى خروج الصليبيّين منها، وعلى الرغم من أنّ البتراء هُجِرت، وأصبحت خالية من السكّان لعدّة قرون، إلّا أنّه تمّ اكتشافها مرّة أخرى في عام 1812م، وفي عام 1985م، أُدرِجَت المدينة الورديّة ضمن لائحة التراث العالَميّ في مُنظَّمة اليونسكو.
إقرأ أيضا:تعبير مقال شخصيالأنباط
يُعتبَر الأنباط شعباً قديماً ذا أصل عربيّ، حيث قَدِموا كبَدو رُحَّل من شبه الجزيرة العربيّة إلى منطقة وادي موسى في الأردنّ، وكان ذلك في القرن السادس قَبل الميلاد -علماً بأنّه لا تُوجَد معلومات دقيقة حول أصل نشأتهم، ووقت ظهورهم-، ومن المهمّ بمكان ذِكر أنّ الأنباط أطلقوا على مدينتهم التي أنشأوها، واستقرّوا فيها اسم (رقمو)؛ أي عديدة الألوان؛ وذلك بسبب جمال طبيعتها، والألوان الرائعة للصخور الرمليّة، ثمّ عُرِفت فيما بعد باسم (البتراء)، وتعني باللغة اليونانيّة (الحجر).