الأم
(قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (حديث صحيح).
الأُم هي الكتف الذي يسند الإنسان عليه رأسه، وهي الحضن الدافئ الذي يحمينا من قسوة الحياة، وهي اليد التي تمسك بنا قبل سقوطنا، وهي القلب الذي يضخُّ فينا الروح، والأم هي الرفيقة والصديقة والقلب الناصح لنا بصدق، وهي الإنسانة التي لا غنى لنا عنها وإن كَثُر المحبُّون والأصدقاء، كما أنّها مدرستنا الأولى ودليلنا للسير في طريق الحياة على هدى بما تقدمه لنا من دروس ونصائح.
قال الشاعر حافظ إبراهيم في وصف عظمة الأم:
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتهَا
-
-
-
-
- أعددتَ شعبا طيِّبَ الأعراقِ
-
-
-
الأمُّ روضٌ إن تعهدهُ الحيا
-
-
-
-
- بالرَّيِّ أورقَ أيُّمَا إيراقِ
-
-
-
الأمُّ أستاذ الأساتذةِ الألى
إقرأ أيضا:أهمية حرية التعبير-
-
-
-
- شغلت مآثرهم مدى الآفاقِ
-
-
-
تحمل الأم أبناءها تسعة أشهر وهناً على وهن، وتذوق في ولادتهم آلام الولادة التي تنساها فور رؤياهم، فتغذيهم من عذب لبنها وخُلاصة روحها، وترقب أطوار نموّهم بكل حب وشغف، وتسهر على راحتهم ليالٍ طِوال دون كلل أو ملل، إنّها المثل الأعلى والقدوة، يحرِّكها تجاه أبنائها الإيثار؛ فهي الإنسانة الوحيدة التي قد تنسى أن تدعو لنفسها في صلاتها لانشغالها بالدعاء لهم، وهي من تتعب ليشعروا بالراحة والأمان، وتقدّم لهم ما يحتاجون دون انتظار مقابل، أفضالها علينا لا تُعدُّ ولا تحصى، لذلك حثّ ديننا الإسلامي على طاعتها والرفق بها وبرّها، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان: 14).
في رضا الوالدين يكمن رضا الله تعالى عن الفرد، وفي رضى الأم التي سهرت وتعبت وتحمّلت تعب ولادتك وحملك يجد الإنسان البركة في ولده وماله وعمره، وفي سخطها عليه صعوبة في العيش ونقص في البركة والرزق، وعقوق في الأبناء فكما يدين الإنسان يُدان، ولأجل هذا كله علينا أن نحرص على طاعتها وملاطفتها في الكلام، وخفض أصواتنا في حضرتها بالإضافة إلى سؤالها عمّا تحتاجه وتوفيره لها، كما تُعتبر مؤانستها ومجالستها لإبعاد الضجر عنها والملل من البر فيها، ومما يترك أثراً جميلاً في نفسها إحضار الهدايا لها لها باستمرار وإن كانت صغيرة ودون مناسبة لإشعارها بأنها لا تغيب عن الأذهان، وشكرها دوماً على ما تقدّمه لنا دون انقطاع.
إقرأ أيضا:كيف تكتب شهادة تقديراعتادت أن تضحي من أجلنا، وأن تضعنا في مقدمة أولوياتها، فعلينا أن نضعها تاجًا فوق رؤوسنا، وأن نحملها على أكفّ الرّاحة فلا نعصي لها أمراً ولا نردُّ لها طلباً، كما يجب علينا رعايتها في الصحة والمرض، وأن نكون لها عوناً عند الكبر وسنداً.