خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وفضّله على كثيرٍ من خلقه، وجعل هيئته مستقيمة وسوية، ووجهه جميلًا وخِلقته كاملة، لكن جمال الشكل الخارجي وحده لا يكفي ليكون الإنسان جميلًا بشكلٍ كامل، بل يجب أن يتمتع بجمال الروح كي ينال محبة الآخرين، فجمال الروح يبقى إلى الأبد، ولا تستطيع الأيام أن تُغيّره، على عكس جمال الوجه الذي تعبث فيه تجاعيد الزمن فيزولُ كلما تقدم الإنسان بالعمر، فجمال الروح يشمل جمال الشخصية والصفات وأسلوب الإنسان وطُهر أخلاقه ونقاء قلبه.
يتفوق جمال الروح على جمال الشكل الخارجي لأنه جمالٌ ظاهرٌ للجميع حتى للأعمى، فهو جمالٌ شاملٌ لحواس الجسم جميعها ويستطيع أن يتملكها دون أن أي حاجة لرتوش وتجميل، فجمال الروح يخترق السمع والقلب ويصل إلى الأعماق، أما جمال الشكل يجذب العينين بشكلٍ خاص وقد لا يصل إلى القلب، فتعابير الوجه ستذبل في يومٍ ما، أما جمال الروح يبقى مشرقًا ومتوهجًا وساطعًا إلى الأبد، كما أنَّ جمال الروح ينثر الفرح والتفاؤل والطاقة الإيجابية لتصل إلى الآخرين، فالإنسان الذي يتحلى بالروح الجميلة يُحبه الجميع رغمًا عنهم، ويحرصون على الاقتراب منه كي يستمتعوا بوجود روحه الجميلة.
قبل أن يحرص الشخص على أن يُجمّل شكله الخارجي، عليه أن يحرص على تجميل روحه، وأن يتعلم كيف يُدهش الآخرين بصفاته الجميلة، فالناس يومًا عن يوم يزدادون وعيًا، ويُصبح لديهم يقين أكبر بأن الجمال الخارجي لا يكفي كي يكون الإنسان جميلًا، ولا بدّ من الاتصاف بالروح الفاضلة والجميلة والمنطلقة على الحياة، لأن جمال الشكل دون روحٍ جميلة يُشبه زهرة بلا عطر، وشجرة بلا ثمر، ولا عجب أن الفلاسفة والأدباء امتدحوا جمال الشكل وأعلنوا شأنه واعتبروه أرفع مكانةً من جمال الشكل فقط، فجمال الشكل قد يفتقر إلى المقومات التي تجعله أجمل، لكن جمال الروح لا يفتقر لأي مقومات.
إقرأ أيضا:كيفية كتابة نقد أدبي