قصيدة سفر أيوب
كتب الشاعر بدر شاكر السياب -وهو شاعر عراقي- قصيدته “سفر أيوب” بعد أن أصيب بمرض السّل الرئوي في الخمسينات، وتفاقم عليه المرض الذي كان من الأمراض صعبة العلاج في ذلك الوقت، فتوجه إلى لندن لغرض العلاج، وكتب هذه الأبيات وهو على سرير المستشفى، إذ يقول في بعض أبياتها:
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم،
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وان المصيبات بعض الكرم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكر الأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
شهور طوال وهذي الجراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:
«لك الحمد، ان الرزايا ندى،
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمّ إلى الصّدر باقاتها
هداياك في خافقي لا تغيب،
هداياك مقبولة، هاتها!»
أشد جراحي وأهتف
بالعائدين:
«ألا فانظروا واحسدوني،
فهذى هدايا حبيبي
وإن مسّت النار حرّ الجبين
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
إقرأ أيضا:فراقجميل هو السّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
ويلمس شبّاك داري سناك
جميل هو الليل: أصداء بوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد
وغابات ليل السُّهاد، الغيوم
تحجّبُ وجه السماء
وتجلوه تحت القمر
وإن صاح أيوب كان النداء:
«لك الحمد يا رامياً بالقدر
ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء!
قصيدة مبادلة العواطف
الشاعر محمد مهدي الجواهري هو شاعر عراقي ولد في النجف عام 1899م، أصدر أول مجموعة شعرية له وهو في عمر الخامسة والعشرين بعنوان “خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح”، كما أصدر أول ديوان شعري عام 1928م بعنوان “بين الشعور والعاطفة”، وفيما يأتي أبيات له من قصيدة بعنوان “مبادلة العواطف”:
يا أخا البلبل رفقاً
-
-
-
-
- هجت لي وجداً وذكرا
-
-
-
لمت في أمري ولو
-
-
-
-
- أستطيع ما أخفيت أمرا
-
-
-
أنت لو تعلم ما
إقرأ أيضا:أشعار حزينة-
-
-
-
- يلهب نفسي ، قلت عذرا
-
-
-
كان لي سر ولكن
-
-
-
-
- بك قد أصبح جهرا
-
-
-
قد طويت الحزن أزمانا
-
-
-
-
- فخذه اليوم نثرا
-
-
-
أنا ما غردت لو أني
-
-
-
-
- رضيت العيش أسرا
-
-
-
أنا ما لجلجت في أغنيتي
-
-
-
-
- لو كنت حرا
-
-
-
أنا أخشى النفع إن
إقرأ أيضا:شعر الفراق-
-
-
-
- جاهرت فيه كان ضرا
-
-
-
غالط الوجد وسل القلب
-
-
-
-
- وادع الحزن شعرا
-
-
-
فأنا ذاك الفتى يطلب
-
-
-
-
- بعد ” الخمر ” “أمرا”
-
-
-
وسيبدو لك ما تهواه
-
-
-
-
- من أمري، فصبرا
-
-
-
قصيدة لنفترق
نازك الملائكة هي شاعرة عراقية ولدت في بغداد عام 1923م وتوفيت عام 2007م، عاشت في أسرة مثقفة، ودرست الموسيقى في معهد الفنون الجميلة، ثم حصلت على شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون في أمريكا، وفيما يأتي أبيات من قصيدة “لنفترق” للشاعرة:
لنفترق الآن ما دام في مقلتينا بريق
وما دام في قعر كأسي وكأسك بعض الرحيق
فعمّا قليل يطلّ الصباح ويخبو القمر
ونلمح في الضوء ما رسمته أكفّ الضجر
على جبهتينا
وفي شفتينا
وندرك أن الشعور الرقيق
مضى ساخراً وطواه القدر
لنفترق الآن، ما زال في شفتينا نغم
تكّبر أن يكشف السر فاختار صمت العدم
وما زال في قطرات الندى شفة تتغنّى
وما زال وجهك مثل الظلام له ألف معنى
كسته الظلال
جمال المحال
وقد يعتريه جمود الصّنم
إذا رفع الليل كفيّه عنّا
لنفترق الآن، أسمع صوتا وراء النخيل
رهيبا أجشّ الرنين يذكّرني بالرحيل
وأشعر كفّيك ترتعشان كأنّك تخفي
شعورك مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف
لم الارتجاف؟
وفيم نخاف؟
ألسنا سندرك عمّا قليل
بأن الغرام غمامة صيف
لنفترق الآن، كالغرباء، وننسى الشّعور
وفي الغد يشرق دهر جديد وتمضي عصور
وفيم التذكّر؟ هل كان غير رؤى عابرة؟
أطافت هنا برفيقين في ساعة غابرة؟
وغير مساء
طواه الفناء
وأبقى صداه وبعض سطور
من الشعر في شفتي شاعره؟
لنفترق الآن , أشعر بالبرد والخوف، دعنا
نغادر هذا المكان ونرجع من حيث جئنا
غريبين نسحب عبء ادّكاراتنا الباهته
وحيدين نحمل أصداء قصتنا المائتة
لبعض القبور
وراء العصور
هنالك لا يعرف الدهر عنّا
سوى لون أعيننا الصامته