الشعر العربي
تتعدّد وجوه جمال الشعر العربي، فقد يكون جميل الصياغة، أو جميل المعنى، أو جميل المشاعر، وتكثر تلك الأبيات التي تشمل أكثر من جانب واحد من عناصر الجمال الشعري، والآتي بعضاً من جميل الأبيات الشعرية.
أحلى أبيات الشعر
- وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني
وأشمتّ بي من كان فيك يلوم
- لا مرحبا بغدٍ ولا أهلاً به
إن كان تفريق الأحبة في غد
- وأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت
ورداً وعضّت على العناب بالبرد
- حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يـوماً فقيراًعابراً
نـبحت عليه وكشّرت أنيابها
- أنصحك لا تعايش ذميم الخصال
تغدو إلى دنيا تعاني الفشل
- ما يرجع الطرف عنها حين أبصرها
حتى يعود إليها الطَّرْف مشتاق
- يقولون ليلى بالعراق مريضة
فياليتني كنت الطبيب المداويا
- لعمرك ما الرزية فقد مالٍ ولافرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر يموت لموته خلق كثير
إقرأ أيضا:ابيات بدر بن عبدالمحسن- تذلّلتُ حتى رقّ لي قلب حاسدي
وعاد عذولي بالهوى لي شافعا
- كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً
يُرمى بصخر فيلقي أطيب الثمر
- شعب إذا ضُرب الحذاء بوجهه
صاح الحذاء بأي ذنب أُضرب
- وإذا المنيّة أنشبت أظفارها
ألفيتَ كل تميمة لاتنفع
- وكــل الناس مجنون ولــكن
على قــدر الهوى اختلف الجنون
- أحبّك حبّاً لو يفيض يسيره
على الناس مات الناس من شدّة الحب
- تأنَّ ولا تعجل بلومك صاحباً
لعل له عذراً وأنت تلوم
- يا من تقطع خصره من رقّة
مابال قلبك لا يكون رقيقا
- فيا أهـل ليلى كثّر الله فيكمُ
من أمثالها حتى تجودوا بها ليا
- لاتسقني كأس الحياة بذِلّة
بل اسقني بالعزّ كأس الحنظلٍ
- أيدركني ضيم وأنت ذخيرتي
وأُظلم في الدنيا وأنت نصيري
- وعذلت أهل العشق حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لا يعشق؟
إقرأ أيضا:شعر نوروز- نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ
ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ
ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا
- أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ
- عيدي غداً أرجوك أن تأتي غداً
هي حيلة أخرى ولن تتجدّدا
- من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد
- تموت الأسود في الغابات جوعاً
ولحم الضّأن تأكله الكلاب
ترى عبداً ينام على حريرٍ
وذو نسب مفراشه التراب
- قفا نبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
بسْقطِ اللَّوى بينَ الدَّخولِ فَحَوْمَلِِ
- إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَه
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
- إذا افتخرت بآباء لهم نسب
قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
- إذا رأيت نيـوب الليث بارزه
فلا تظنّ أن الليـــث يبتسم
إقرأ أيضا:أبيات عن الصبر- إذا المرء لم يُدنّس من اللوم عرضُه
فكل رداء يرتديه جميلُ
- نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
- أسـرجت خيلي فالأشعار دانية
أقطف تبارك اسم الواحد الأحد
- وقاتل الجسم مقتول بفعلتِه
وقاتل الروح لا تدرى به البشر
- كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوماً على الآلة الحدباء محمول
- لا تشك للنّاس جرحاً أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
- إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ
قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا
- لا تحسبنّ المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصّبرا
- وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
- احرص على حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التّنافر يعسر
إن القلوب إذا تنافر ودّها
مثل الزّجاجة كسرها لا يجبر
- ليت الذي خلق العيون السوّدا
خلق القلوب الخافقات حديدا
- وفيتُ وفي بعض الوفاء مذلّة
لفاتنة في الحيّّ شيمتها الغدر
- وفي الناس إبدال وفي التّرك راحة
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
- لكل داء دواء يُستطاب به
إلا الحماقة أعيت من يداويها
- في كل بلاء يصيب المرء عافية
إلا البلاء الذي يُدني من النار
- وما عجبي موت المُحبّين في الهوى
ولكن بقاء العاشقين عجيب
- لا تنه عن خلق وتأتي بمثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
- إني سألت الناس بعدك كلهم
فوجدت أكرم من سألت بخيلا
- ما كانتِ الحسناءُ ترفعُ سترها
لو أن في هذي الجموع رجالاً
- إذا بلغ الفطام لنا صبيٌ
تخرُّ له الجبابر ساجدينا
- وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشاهدة لي بأني كامل
- حسبي وحسبك أن تظلّي دائماً
سرّاً يمزّقني وليس يقال
- إن القلوب إذا تنافر ودّها
شبه الزجاجة كسـرها لايجبـر
- تخـفى على أغـبياء الناس منزلتي
أنا النهار وهم فيه الخفافيش
- سلام على الدنيا إذا لم يكن فيها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
- قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
- يامن هواه أعزّه وأذلّني
كيف السبيل إلى وصالك دلّني
- أن النار بالعودين تذكي
وأن الحرب مبدأها كلامُ
- يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحاً
كعاشق خَطّ سطراً في الهوى ومحا
- عيون المهـــا بين الرّصافة والجسر
جلبن الهــوى من حيث أدري ولا أدري
- وإن بُليتَ بشخص لا خلاق له
فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
- لكل شيء إذا ما تمّ نقصان
فلا يغرّ بطيب العيش إنسان
- مالي أرى رؤوسا قد تطأطأت
أهو الحياء خجلاً أم هو الفقر
- ما أهون الدّمع الجَسور إذا جرى
من عينِ كاذبةٍ فأنكر وادّعى
- وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدقُّ
- لو كنت أعلم أن حبّك سيقتلني
لأعددت قبل أن ألقاك أكفانا
- لا تودع السر إلا عند ذي كرم
والسر عند كرام الناس مكتومُ
- لو كان للعلم دون التقى شرف
لكان أشرف خلق الله ابليس
- أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور
وأنا المُحرّم عن لذّاته كل الدّهور
- يا لائمي في هواه – والهوى قدرٌ –
لو شفَّك الوجـدُ لم تعَذِل ولم تلمِ
- كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكنَّ أمانيا
- لو كنت أعلم أن الحلم سيجمعنا
لأغمضت طوال الدهر أجفاني
- وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل سار منها بغير الطّيب والكفن؟
- تنام عينيك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لا تنم
- أُعلّل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
- أغَرَّكِ منِّي أَنَّ حُبَّـكِ قاتِلي
وَأَنَّكِ مهما تأْمُري الْقَلْبَ يَفْعَلِ
- عجباً، يشتاق لهم القلب وهم بين أضلعي
وتشتاق لهم العين وهم في سوادها
- وإذا الصديق قسى عليك بجهله
فاصفح لأجل الود ليس لأجله
- إنّما الدنيا فناء ليس للدّنيا ثبوت
إنما الدنيا كبيتٍ نسجته العنكبوت
- قلبي يـحدثني بـأنّك مُـتلفي
روحي فداك عرفت أم لم تعرف
- تموت الأسود في الغابات جوعاً
ولحم الضأن تأكله الكلاب
- الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسّيف والرّمح والقرطاس والقلم
- أين الملوك التي كانت مسلطنة
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
- ولكنني أسعى لأنفع صاحبي
وعار على الشبعان إن جاع صاحبه
- تاهت أيام الأحبة فسالت لها أدمعي
وبكى قلبي دماً تسرّب بين أضلعي
- لا ترجُ خيري وأنت اليوم تجحده
واقصد غيري فإن غيري معطاء
- لولا الحياء لزادني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار
- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
- فعـليكَ تـقوى اللهِ فـالزمْها تفزْ
إنّّ التّـَقيَّ هـوَ البَهيُّ الأهيَبُ
- كن بلسماً إن صار دهرك أرقماً
وحلاوة إن صار غيرك علقما
- خيالك في عيني وذكرك في فمي
ومثواك في قلبي فأين تغيب؟!
- إن النساء شياطين خلقنا لنا
ونعوذ بالله من شر الشياطين
- أُصلّي فأبكي في الصلاة لذكرها
لي الويل ممّا يكتب المَلِكَــان
- فكم من صحيح مات من غير عِلّة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
- رأيت دنو الدار ليس بنافع
إذا كان ما بين القلوب بعيد
- وقل من جدّ في أمر يطالبه
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
- ما أكثر الإخوان حين تعدّهم
ولكنهم في النائبات قليلُ
- لو كان لي قلبان لعشت بواحد
وتركتُ قلباً في هواك يُعذّب
- تستّر بالسخاءِ فكُلّ عيبٍ
يغطيهِ كما قيل السّخاءُ
- لست من خلط المزاح بجِدِّه
فالجِد جِدٌ والمزاح مزاح
- أقم على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالنّفس لا بالجسم إنسان
- يا صاحبي خُذْ للحبيب رسالتي
فعسى يرى بين السطور الأدمُعا
- وتركك في الدنيا دوياً كأنما
تداول سمع المرء أنمله العشر
- “وللسّر مني موضع لا يناله
نديم ولا يفضي إليه شرابُ
- كم من قاعد يحظى فتعجب حاله
من جاهد يصل الدؤوب فيحرم
- رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده
مال ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا
- أموالنا الذوي الميراث نجمعها
ودورنا لخراب الدّهر نبنيها
- وقد سار ذكري في البلاد فمن
لهم بإخفاء شمسٍ ضوؤها متكامل
- أيهذا الشاكي ومابك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
أيهذا الشاكي ومابك داءٌ
كن جميلاً ترى الوجود جميلا
- أفديه إن حفظ الهوى أو ضيّعا
ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا
- لا تأسفنّ على غدر الزّمان لطالما
رقصت على جثث الأسود كلابا
- فراشةٌ جئت اُلقي كحل أجنحتي
لديك فأحترقت ظلماً جناحاتي
- قل لمن ادّعى في العلم فلسفة
علمت شيئاً وغابت عنك أشياء
قصائد شعرية جميلة
من جميل القصائد العربية اخترنا لكم ما يأتي:
حواسّي النائمة
غادة السّمان
أيقظت حواسي النّائمة
وأنعشت حماسي الممطر ضجراً
وأعدت إلي الضحك
الذي عدوت خلفه طويلاً في دروب العالم
ومنذ عرفتك
لم تمرّ لحظة لم أهتف بها باسمك
كما أتنفس
ولم تمرّ دقيقة لم أكن فيها ملتهبة حماساً وعملاً
حتى كدت لا أجد وقتاً لك
أنت يا نهر الفرح
جرفتني
خذني إلى قاعك
دعني أغرق اليك ! …
يقول غراهام غرين :
إنّ الفشل شكل من أشكال الموت
أقول له:
ولكن الفراق هو الموت …
ويضيع العمر
فاروق الجويدة
يا رفيقَ الدَّرب
تاه الدَّرْبُ منّا .. في الضّباب
يا رفيقَ العمر
ضاعَ العمرُ .. وانتحرَ الشّباب
آهِ من أيّامنا الحيرى
توارتْ .. في التّراب
آهِ من آمالِنا الحمقى
تلاشتْ كالسّراب
يا رفيقَ الدَّرْب
ما أقسى الليالي
عذّبتنا ..
حَطَّمَتْ فينا الأماني
مَزَّقَتْنا
ويحَ أقداري
لماذا .. جَمَّعَتنا
في مولدِ الأشواق
ليتها في مولدِ الأشواقِ كانتْ فَرّقَتْنا
لا تسلني يا رفيقي
كيف تاهَ الدربُ .. مِنَّا
نحن في الدنيا حيارى
إنْ رضينا .. أم أَبَيْنَا
حبّنا نحياه يوماً
وغداً .. لا ندري أينَ !!
لا تلمني إن جعلتُ العمرَ
أوتاراً .. تُغنّي
أو أتيتُ الروضَ
منطلقَ التمنّي
فأنا بالشّعرِ أحيا كالغديرِ المطمئنِّ
إنما الشعرُ حياتي ووجودي .. والتمنّي
هل ترى في العمر شيئاً
غير أيامٍ قليلة
تتوارى في الليالي
مثل أزهارِ الخميلة
لا تكنْ كالزهرِ
في الطُّرُقَاتِ .. يُلقيه البشر
مثلما تُلقي الليالي
عُمْرَنا .. بين الحُفَر
فكلانا يا رفيقي
من هوايات القَدَر
يا رفيقَ الدَّرْب
تاهَ الدربُ مني
رغمَ جُرحي
رغمَ جُرحي ..
سأغنّي
خمس أغانٍ للألم
نازك الملائكة
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ
ينبِضُ في قلبنا
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ
عن دَرْبنا مَرّهْ
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ؟
من أَينَ يأتينا؟
آخَى رؤانا من قِدَمْ
ورَعى قوافينا
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ
ماذا توقّعناهُ فيها؟ غبطةٌ ورِضًا قريرْ
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ
إنّا نحبّك يا ألمْ
من أينَ يأتينا الألم؟
من أين يأتينا؟
آخى رؤانا من قِدَمْ
ورَعَى قوافينا
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
يحيا ويَسْقينا
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ؟
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ؟ أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ؟ نُقْنعهُ بلعبةٍ؟ بأغنيهْ؟
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ؟
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ؟
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ؟
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ؟
هذا الصغيرُ… إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ
كيف ننسىَ الألَمْ
كيف ننساهُ؟
من يُضيءُ لنا
ليلَ ذكراهُ؟
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ
وسنقفو شُرودَ خُطَاه
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ
وملامحُهُ هي أوّلَ ما
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما
حملتنا المُنى والجراحْ
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ
بين أشواقنا والقَمَرْ
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ
بين أعيننا والنَّظَرْ
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى
والأسَى في مآقينا
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى
من ضلوع أغانينا
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان
يا أسانا، مساءَ الخَيْرْ!
سوف ننسى الألم
سوف ننساهُ
إنّنا بالرضا
قد سقيناهُ
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا
يا هَوانا يا ألَمْ
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا
بابليَّاتِ النَّغَمْ
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ
والدموع المُحرِقهْ
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ
وورودٌ فَرِحَهْ
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ، يا نبْعَ معانِ
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ
من أغانينا الكئيبهْ
دع عنك لومي
أبو نواس
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ
لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
َقامْت بِإبْريقِها ، والليلُ مُعْتَكِرٌ
فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ
فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً
كأنَّما أخذَها بالعينِ إغفاءُ
َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها
لَطافَة ً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ
فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها
حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ
دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ لهمْ،
فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا
لتِلكَ أَبْكِي ، ولا أبكي لمنزلة ٍ
كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ
حاشى لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها
وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً
حفِظْتَ شَيئًا ، وغابَتْ عنك أشياءُ
لا تحْظُرالعفوَ إن كنتَ امرَأًَ حَرجًا
فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ