ابن زيدون وولادة
ظهرت مَلَكة الشعر عند ابن زيدون وهو في سن العشرين، عندما أطلق مرثيَّة بليغة على قبر القاضي ابن ذكوان عند وفاته، وسرعان ما تطوَّرت العلاقات إلى أن وصلت إلى ولّادة بنت المستكفي بالله الخليفة الأموي، التي ما لبثت بعد وفاة أبيها إلا أن انشقَّت عن النساء والتحقت بمجال الشعراء والأدباء، ويشهدُ لها الناس بحسن مجلسها وجمال مبسمها ووجهها. ولم يمرّ وقت كثير على تطور العلاقة بينهما، إذ أرسلت إليه رسالةً مجيبة له بعد إصراره على لقائها:
ترقـّب إذا جــنّ الـظـلام زيارتــي
- فإنّي رأيــت الليل أكـتـم للـســرِّ
وَبي منك ما لو كانَ بالشمسِ لم تلح
- وبالبدر لم يطلع وَبالنجم لم يسرِ
بيد أنَّ سرهما لم يلبث أن انكشف أمره أمام الناس، وتناقلت الإشاعات بأنَّ ابن زيدون يحبُّ جارية ولَّادة وكان أحدهم يقال له ابن عبدوس يحاول أن يظفر بولّادة مستنداً على ماله ونجح في ذلك، مما استثار حفيظة ابن زيدون، وبدأ يهجو بابن عبدوس بطريقةٍ لاذعة حوَّلت حبَّ بنت المستكفي إلى بغضٍ وكرهٍ شديدَين. ولم ينأى ابن عبدوس عن تدبير المكائد لابن زيدون فاتهمه بتبديد أموال مؤتمنٍ عليها، فحُطَّ به في السجن، إلَا أن ذلك لم ينسِهِ ولَادة وكتب نونيَّتَه المشهورة:
إقرأ أيضا:اشعار حب عراقيةأَضْحَى التَّنَائِـي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـا
- وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا
ألا وقد حانَ صُبـح البَيْـنِ صَبَّحنـا
- حِيـنٌ فقـام بنـا للحِيـن ناعِيـنـا
التعريف بابن زيدون
هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله المخزوميِّ الأندلسيِّ، كان من أشهر شعراء بني مخزوم إذ كان خاتمتهم، ويعدُّ من أبناء وجوه الفقهاء في قرطبة، جدَّ في كتابة الشعر وبرع في نظمه. أما كتابته في النثر فكانت متواضعة ولم يُذكر له الكثير، كان يُلقَّب ب(بحتريِّ المغرب). ولد ابن زيدون في قرطبة عام 1003م ومات أبوه وهو في الحادية عشرة من عمره، أمَّا عن وفاته فكانت بتاريخ 1071م إثر ما ألمَّ به من أمراض.
شعر ابن زيدون
تميَّز ابن زيدون بشعره، إذ كان أبرز شعراء الأندلس لما يمتلك من ذائقة لغوية وشعرية فريدة، ومدح به كلَّ من عرفه، إذ كان واسع الاطِّلاع على شعر المشرق، كما كان يأخذ ممن سبقوه من شعراء الأندلس إلّا أنَّه كان يحتفظ بشخصيَّته الشعرية المميزة. كان شعره يريح القلب ويهيمن عليه لتمكُنه من كتابة ما يلج في خاطره دون تصنِّعٍ وبلغة بسيطة سلسة لا عوَج فيها ولا التواء.
إقرأ أيضا:قصائد حب مكتوبه