أشعار منوعة

أجمل ما قال الشافعي

الشافعي

وُلِد الإمام الشّافعي بغزَّة سنة 150هـ/ 204م، ولما مات أبوه انتقلت به أمُّه إلى مكة؛ لتحافظ على نسبه من الضّياع، ثم تنقَّل بين البلاد في طلب العلم، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، أنجب الشافعي أربعة أبناء هم: محمد (أبو عثمان)، وفاطمة، وزينب من أم واحدة، ومحمد (أبو الحسن) من جاريته المسماة دنانير.

دع الأيام تفعل ما تشاء

من أقوال الشافعي في الصبر:

دع الأيام تفعـل مـا تشـاء

وطب نفساً إذا حكم القضـاء

ولا تـجزع لحادثـه الليالـي

فما لحوادث الدنيا بقـاء

وكن رجلاً على الأهـوال جلدا

وشيمتك السماحـة والوفـاء

وإن كثرت عيوبك في البرايـا

إقرأ أيضا:شعر عن الأخوة
وسرك أن يكـون لهـا غطـاء

تستر بالسخـاء فكـل عيـب

يغطيه كمـا قيـل السخـاء

ولا ترى للأعـادي قـط ذلاً

فإن شماتـة الأعـداء بـلاء

ولا تـرج السماحة من بخيـل

فما في النار للظمـآن مـاء

ورزقك ليس ينقصـه التأنـي

وليس يزيد في الرزق العناء

ولا حـزن يـدوم ولا سـرور

إقرأ أيضا:شعر عن الأمل
ولا بؤس عليـك ولا رخـاء

إذا ما كنت ذا قلـب قنـوع

فأنت ومالـك الدنيـا سـواء

ومن نزلـت بساحتـه المنايـا

فلا أرض تقيـه ولا سمـاء

وأرض الله واسـعـة ولكـن

إذا نزل القضاء ضاق الفضاء

دع الأيام تغـدر كـل حيـن

فما يغني عن الموت الـدواء

إليك إله الخلق أرفع رغبتي

يقول الإمام الشافعي:

إقرأ أيضا:شعر عن الدنيا

إليك إله الخلق أرفع رغبتي

وإن كنت ياذا المن والجود مجرما

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت الرجا مني لعفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته

بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تـزل

تجـود وتعفـو منة وتكرما

فلولاك لم يصمد لإبليس عابـد

فيكف وقد أغـوى صفيك آدما

فلله در العارف الندب أنه

تفيض لفرط الوجد أجفانه دما

يقيم إذا ما الليل مد ظلامه

على نفسه من شدة الخوف مأتما

فصيحاً إذا ما كان في ذكر به

وفي ما سواه في الورى كان أعجما

ويذكر أياما مضت من شبابه

وما كان فيها بالجهالة أجرما

فصار قرين الهم طول نهاره

أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما

يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي

كفى بك للراجيـن سـؤلاً ومغنما

ألست الـذي غذيتني وهديتني

ولا زلت مناناً علـي ومنعما

عسى من لـه الإحسان يغفر زلتي

ويستـر أوزاري وما قـد تقدما

يا واعظ الناس عما أنت فاعله

يقول الإمام الشافعي:

يا واعظ الناس عما أنت فاعله

يا من يعد عليه العمر بالنفس

أحفظ لشيبك مـن عيب يدنسه

إن البياض قليل الحمل للدنس

كحامل لثياب الناس يغسلها

وثوبه غارق في الرجس والنجس

تبغي النجاة ولم تملك طريقتها

إن السفينة لا تجري على اليبس

ركوبك النعش ينسيك الركوب على

ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرس

يـوم القيامة لا مال ولا ولد

وضمة القبر تنسي ليلـة العرس

فإذا سمعت بأن مجدودا حــوى

يقول الإمام الشافعي:

فإذا سمعت بأن مجدودا حــوى

عوداً فأثـمر في يديه فصــدق

وإذا سمعت بأن محـرومـا أتى

ماء ليشـربه فغـاض فحـقـق

لو كان بالحـيل الـغنى لوجدتني

بنجوم أقطــار السـمـاء تَعلُّقي

لكن من رُزق الحجـا حُرم الغنى

ضدان مفترقــان أي تفــرق

وأحق خلـق الله بِالْهمِّ امــرؤ

ذو همة يُبلـى بـرزق ضيــق

ومن الدليل على القضاء وحكمه

بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

إن الـذي رزق الـيسار فلم ينل

أجرا ولا حمــدا لغير موفــق

والجد يدني كل أمر شــاسـع

والجــد يفـتح كل باب مغلـق

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا

وقال الإمام الشافعي في الصديق:

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا

فدعـه ولا تكثر عليـه التأسـفـا

ففي الناس أبدال وفي الترك راحة

وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا

فما كل مـن تهواه يهواك قلبه

ولا كل من صافيته لك قد صفا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة

فلا خير في ود يجيء تكلفا

ولا خير في خل يخون خليله

ويلقاه من بعد المودة بالجفا

وينكر عيشا قد تقادم عهده

ويظهر سرا كان بالأمس في خفا

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق

صدوق صادق الوعد منصفا

البخل والظلم

قال الشافعي في البخل والظلم:

بلوت بنـي الدنيا فلـم أر فيهـم

سوى من غدا والبخل ملء إهابه

فجردت من غمد القناعة صارمـاً

قطعت رجائـي منهم بذبابـه

فلا ذا يرانـي واقفاً فـي طريقـه

ولا ذا يراني قاعداً عنـد بابـه

غنى بلا مال عن النـاس كلـهـم

وليس الغنى إلا عن الشيء لا به

إذا ما ظالـم استحسن الظلم مذهبا

ولج عتوا في قبيـح اكتسابـه

فكله إلى صرف الليالـي فإنـهـا

ستدعو له ما لم يكن في حسابه

فكم قـد رأينا ظالما متمردا

يرى النجم رتيها تحت ظل ركابه

فعما قلـيلٍ وهـو فـي غفلاتـه

أناخت صروف الحادثات ببابـه

وجوزي بالأمر الذي كـان فاعلا

وصب عليه الله سـوط عذابـه

صن النفس واحملها على ما يزينها

من روائع الشافعي:

صن النفس واحملها على ما يزينها

تعش سالماً والقول فيـك جميل

ولا تولين الـناس إلا تجمـلا

نبا بك دهر أو جفاك خليل

وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غـد

عسى نكبات الدهـر عنك تـزول

ولا خير فـي ود امرئ متلون

إذا الريح مالت مال حيـث تـميل

وما أكثـر الإخوان حيـن تعدهـم

ولكنهم فـي النائبات قليل

ما في المقام لذي عقل وذي أدب

من أجمل قصائد الشافعي:

ما في المقام لـذي عقـل وذي أدب

من راحة فـدع الأوطان واغترب

سافر تجد عوضاً عمن تفارقه

وانصب فإن لذيذ العيش في النصب

إني رأيـت وقوف الماء يفسده

إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب

والأسد لولا فراق الأرض ما افترست

والسهم لولا فراق القوس لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمـة

لملها الناس من عجم ومـن عـرب

والتبر كالترب ملقى فـي أماكنه

والعود في أرضه نوع من الحطب

فـإن تغرب هـذا عـز مطلبه

وإن تغرب ذاك عـز كالـذهب

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

من قصائد الشافعي أيضاً:

وَلَمّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي

جَعَلتُ الرَجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّما

تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمّا قَرَنتُهُ

بِعَفوِكَ رَبّي كانَ عَفوُكَ أَعظَما

فَما زِلتَ ذا عَفوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَل

تَجودُ وَتَعفو مِنَّةً وَتَكَرُّما

فَلَولاكَ لَم يَصمُد لِإِبليسَ عابِدٌ

فَكَيفَ وَقَد أَغوى صَفِيَّكَ آدَما

فَلِلَّهِ دَرُّ العارِفِ النَدبِ إِنَّهُ

تَفيضُ لِفَرطِ الوَجدِ أَجفانُهُ دَما

يُقيمُ إِذا ما اللَيلُ مَدَّ ظَلامَهُ

عَلى نَفسِهِ مَن شِدَّةِ الخَوفِ مَأتَما

فَصيحاً إِذا ما كانَ في ذِكرِ رَبِّهِ

وَفي ما سِواهُ في الوَرى كانَ أَعجَما

وَيَذكُرُ أَيّاماً مَضَت مِن شَبابِهِ

وَما كانَ فيها بِالجَهالَةِ أَجرَما

فَصارَ قَرينَ الهَمِّ طولَ نَهارِهِ

أَخا الشُهدِ وَالنَجوى إِذا اللَيلُ أَظلَما

يَقولُ حَبيبي أَنتَ سُؤلي وَبُغيَتي

كَفى بِكَ لِلراجينَ سُؤلاً وَمَغنَما

أَلَستَ الَّذي غَذَّيتَني وَهَدَيتَني

وَلا زِلتَ مَنّاناً عَلَيَّ وَمُنعِما

عَسى مَن لَهُ الإِحسانُ يَغفِرُ زَلَّتي

وَيَستُرُ أَوزاري وَما قَد تَقَدَّما

لما عفوت ولم أحقد على أحد

قال الشافعي في حسن الأخلاق:

لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ

أرحتُ نفسي من همَّ العداواتِ

إنِّي أُحَيي عَدُوِّي عنْدَ رُؤْيَتِهِ

لأدفعَ الشَّرَّ عني بالتحياتِ

وأُظْهِرُ الْبِشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضهُ

كما إنْ قدْ حَشى قَلْبي مَحَبَّاتِ

النَّاسُ داءٌ وَدَواءُ النَّاسِ قُرْبُهُمُ

وفي اعتزالهمُ قطعُ المودَّاتِ

إني صحبت الناس ما لهم عدد

من أجمل قصائد الشافعي أيضاً:

إِنّي صَحِبتُ الناسَ ما لَهُم عَدَدُ

وَكُنتُ أَحسَبُ أَنَّي قَد مَلَأتُ يَدي

لَمّا بَلَوتُ أَخِلاّئي وَجَدتُهُمُ

كَالدَهرِ في الغَدرِ لَم يُبقوا عَلى أَحَدِ

إِن غِبتُ عَنهُم فَشَرُّ الناسِ يَشتُمُني

وَإِن مَرِضتُ فَخَيرُ الناسِ لَم يَعُدِ

وَإِن رَأَوني بِخَيرٍ ساءَهُم فَرَحي

وَإِن رَأَوني بِشَرٍّ سَرَّهُم نَكَدي

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

من قصائد الشافعي في العلم:

تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا

وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ

تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ

وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ

وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ

وَقَطعُ الفَيافي وَاِكتِسابُ الشَدائِدِ

فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ

بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ

بموقف ذلي دون عزتك العظمى

قال الشافعي في عزة النفس:

بِمَوقِفِ ذُلّي دونَ عِزَّتِكَ العُظمى

بِمَخفِيِّ سِرٍّ لا أُحيطُ بِهِ علِما

بِإِطراقِ رَأسي بِاِعتِرافي بِذِلَّتي

بِمَدِّ يَدي أَستَمطِرُ الجودَ وَالرُحمى

بِأَسمائِكَ الحُسنى الَّتي بَعضُ وَصفِها

لِعِزَّتِها يَستَغرِقُ النَثرَ وَالنَظما

بِعَهدٍ قَديمٍ مِن أَلَستُ بِرَبِّكُم

بِمَن كانَ مَجهولاً فَعُرِّفَ بِالأَسما

أَذِقنا شَرابَ الأُنسِ يا مَن إِذا سَقى

مُحِبّاً شَراباً لا يُضامُ وَلا يَظما

توكلت في رزقي على الله خالقي

قال الشافعي في التوكل على الله:

تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي

وأيقنتُ أنَّ اللهَ لا شكٌ رازقي

وما يكُ من رزقي فليسَ يفوتني

وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ العَوامِقِ

سيأتي بهِ اللهُ العظيمُ بفضلهِ

ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ

ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرةً

وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ

خبت نار نفسي باشتعال مفارقي

قال الشافعي:

خبت نار نفسي باشتعال مفارقي

وأظلم ليلي إذ أضاء شِهابُها

أيا بومةً قد عششتْ فوق هامتي

على الرغم مني حين طار غُرابُها

رأيتِ خراب العُمرِ مني فَزُرْتني

ومأواك من كل الديار خرابها

أأنعمُ عيشاً بعدما حل عارضي

طلائعُ شيبٍ ليس يغني خِضابُها؟

وعِزةُ عمرِ المرء قبل مشيبهِ

وقد فنيت نفسٌ تولى شبابها

إذا اصفرَّ لونُ المرءِ وابيضَّ شعرُهُ

تنغص من أيامه مستَطَبابُها

فدعْ عنك سواءات الأمور فإنها

حرامٌ على نفس التقي ارتكابُها

وأدِ زكاة الجاه واعلم بأنها

كمثل زكاة المال تم نِصابُها

وأحسن إلى الأحرار تملك رقابهم

فخير تجارات الكرام اكتسابها

ولا تمشين في مَنكِب الأرض فاخراً

فعما قليل يحتويك تُرابها

ومن يذق الدنيا فإني طَعمْتُها

وسيق إلينا عَذْبُها وعذابها

فلم أرها إلا غُروراً وباطلاً

كما لاح في ظهر الفلاة سَرابُها

وما هي إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ

عليها كلابٌ هَمُّهن اجتِذابها

فإن تجتنبها كنت سِلما لأهلها

وإن تجتذبها نازعتك كلابها

فطوبى لنفسٍ أُودعت قعر دارها

مُغَلَّقَةَ الأبوابِ مُرخىً حجابها

قلبي برحمتك اللهم ذو أنس

من قصائد الشافعي في الرحمة:

قلبي برحمتكَ اللهمَّ ذو أنسِ

في السِّرِّ والجهرِ والإصباحِ والغلسِ

وما تقَّلبتُ من نومي وفي سنتي

إلا وذكركَ بين النَّفس والنَّفسِ

لقد مننتَ على قلبي بمعرفة

بِأنَّكَ اللَّهُ ذُو الآلاءِ وَالْقَدْسِ

وقد أتيتُ ذنوباً أنت تعلمها

وَلَمْ تَكُنْ فَاضِحي فِيهَا بِفِعْلِ مسي

فَامْنُنْ عَلَيَّ بِذِكْرِ الصَّالِحِينَ وَلا

تجعل عليَّ إذا في الدِّين من لبسِ

وَكُنْ مَعِي طُولَ دُنْيَايَ وَآخِرَتي

ويوم حشري بما أنزلتَ في عبس
السابق
ابيات في عزة النفس
التالي
شعر عن الصديق الوفي