أصحاب الكساء

أصحاب الكساء، هو عنوان يُطلق على الرسول محمد (ص) وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). ولقد جمعهم الرسول الأكرم (ص) تحت كساء واحد عند نزول آية التطهير. ويطلق على هؤلاء أيضاً عنوان الخمسة أصحاب الكساء، وآل العباء، والأشباح الخمسة. وتمثل هذه الواقعة إحدى فضائلهم البارزة، وتدل على «أنهم أفضل الناس» و«أكرم الخلق على الله‏ وأشرفهم عنده».

مصداق أصحاب الكساء

نقلت مصادر الفريقين الشيعة والسنّة الكثير من الروايات التي تشير إلى المصاديق الحقيقية لأصحاب الكساء وهم: الرسول (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع). وقد روي عن أم سلمة أنها أرادت الدخول تحت الكساء، فلم يأذن لها (ص) وقال: إنك على خير.

وروي عن الإمام الصادق (ع): إنّ أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة: النبي (ص) وأمير المؤمنين، وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). وورد في زيارة أمير المؤمنين (ع): السلام عليك يا خامس أهل العباء. وهناك أیضاً زیارة للإمام الحسين (ع) حیث خوطب بهذا اللقب: «خامس أهل الكساء».

ولمّا نزلت آية التطهير حصر النبي (ص) مصاديقها بهؤلاء الخمسة فقط.

وقد صرح العلامة الحلي بتواتر نزول آية التطهير في هؤلاء الخمسة، فلا يرتاب في ذلك إلا معاند. ومن هنا اشتهر عنوان «أصحاب الكساء» فيهم فكلّما ذكر انصرف الذهن إليهم (ع)، و من هنا كان المفسرون والباحثون يكتفون بذكر العنوان بلا تعرض للمصاديق كما جاء ذلك في سبب نزول قوله تعالى ﴿ويطعمون الطعام على حبّه﴾ حيث صرح العلامّة المجلسي بإجماع المفسرين والمحدثين على نزولها في أصحاب الكساء.

إقرأ أيضا:من الذي نادى الناس إلى حج بيت الله

فضائل أصحاب الكساء في القرآن الكريم

اشتهرت مفردة الخمسة في التراث الإسلامي انطلاقا مما ذكر في سبب نزول آية التطهير حيث أجمع المفسرون من الشيعة والسنّة على أن الآية نزلت في خمسة أشخاص هم: النبي الأكرم (ص) وعلي (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع)، وأن الرسول (ص) حصرهم في رداء خاص ولم يشرك معهم غيرهم، قائلا: اللهم! هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

ومن الآيات التي تشير إلى فضل هؤلاء الخمسة:

• آية المباهلة  فإن الله سبحانه جعل نفس رسوله (ص) ونفس علي (ع) واحدة، وحصرت النساء بفاطمة (ع) والأبناء بالحسن (ع) والحسين (ع). وليس المراد منهم أبناء المسلمين ونساؤهم وإنما أبناء النبي الأكرم وابنته (ع).
• الآيات 5 إلى 22 من سورة الدهر (الإنسان)، التي أجمع المفسرون على نزولها بحق أمير المؤمنين (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) حينما تصدّقوا بطعام إفطارهم ثلاثة أيام على المسكين واليتيم والأسير فنزلت الآيات تثني على موقفهم وتشيد بمدى إخلاصهم لله تعالى.
• آية المودة التي اجمع المفسرون من الفريقين على أن المراد من ذوي القربى فيها خصوص عائلة النبي المتمثلة بعلي (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) والذين جعلت مودتهم أجراً لرسالة النبي الأكرم (ص).
• الآيات 19 إلى 22 من سورة الرحمن، فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال في تأويل هذه الآية ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ﴾: «علي وفاطمة (ع) بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه. ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ قال: الحسن والحسين(ع)». ونقل هذا المعنى عن بعض أصحاب الرّسول (ص) في تفسير الدرّ المنثور، ونقله العلّامة الطبرسي في مجمع البيان مع اختلاف يسير. ومن هنا نعلم أنّ القرآن الكريم له بطون، وأنّ آية واحدة يمكن أن تكون لها معان متعدّدة بل عشرات المعاني. والتّفسير الأخير هو من بطون القرآن، ولا يتنافى مع المعاني الظاهرية له.
• قوله تعالى في الآية 37 من سورة البقرة ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات …﴾حيث روى الفريقان العامّة والخاصّة في تفسيرهم للآية المباركة بأن الله تعالى علّم آدم (ع) التوسل بالأنوار الخمسة الطيبة ليتوب عليه.؛ وفي بعض الروايات إشارة إلى اشتقاق اسماء (محمّد، علي، فاطمة، حسن وحسین) من اسماء الله تعالى التي هي: (محمود وحمید، علي وعالي وأعلی، فاطر وفاطم، محسن وذو الاحسان وذو الأسماء الحسنی).

وجاء أيضا في تفسير وتأويل الآية المذكورة وآية الابتلاء ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ﴾ بتأويل الكلمات بالخمسة المذكورين في الآية السابقة، وقوله ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ بالأئمة التسعة من ذرية الحسين (ع). يضاف إلى ذلك الكثير من المناقب والفضائل التي ذكرها القرآن الكريم للخمسة من أصحاب الكساء.

إقرأ أيضا:عذاب قوم ثمود

منها ما جاء من تأويل العالين في قوله تعالى ﴿اَسْتَكبَرْتَ اَم كنتَ مِن العالين﴾ بالخمسة الطيّبة.

وهناك آيات أخرى أوّلتها روايات الفريقين بالخمسة (ع) منها: النساء: 69؛ إبراهیم: 24؛ النحل: 43؛ طه: 132؛ الفرقان: 74؛ الذاریات: 27؛ الطور: 21؛ الحشر:

فضائل الخمسة في الاحاديث

يضاف إلى الآيات التي اشارت إلى فضائل الخمسة هناك الكثير من الروايات التي تعرّضت لذلك رواها المسلمون بجميع مذاهبهم، ولكثرتها أفردت لها الكتب الحديثية أبواباً خاصة تحت عنوان فضائل الخمسة ومناقبهم.

وجاء في بعضها إضافة اسم جبريل (ع) اليهم «وجَبْريلُ سادِسُنا».

والمتابع لمصادر الحديث والرواية يرى في الكثير من خطب أهل البيت (ع) ومحاوراتهم ما يشير إلى افتخارهم بالإنتساب إلى هؤلاء الخمسة تارة واستخدام تلك المفردة كمادة إقناعية لإثبات سلامة خطّهم وأصالة فكرهم تارة أخرى.

أفضلية الخمسة على سائر الأئمة

من الثابت أفضلية هؤلاء الخمسة (ع) على سائر المعصومين (ع) من تلك الذرية الطاهرة، ويشير إلى ذلك القرائن الكثيرة التي من ضمنها المناقب المشتركة والمختصة بالخمسة الطيبة، بالإضافة إلى شهادة الإمام الحسين (ع) سنة 61 هـ والذي يعدّ خاتم الخمسة الطيبة؛ إضافة إلى الأدعية والزيارات  التي اعتبرت شهادته ووفاته عليه السلام بمنزلة وفاة الخمسة مجتمعين واعتبار مصيبته أعظم المصائب والرزايا التي حلّت بأهل البيت (ع). علماً أن هذه الالقاب اطلقت على أمير المؤمنين (ع) تعظيماً له واحتراما لشأنه.

إقرأ أيضا:قصة اصحاب الفيل

والجدير بالذكر هنا أن الخمسة الطيبة هي الأخرى تتفاوت في الفضل كما تؤكد ذلك الروايات الصادرة عن المعصومين (ع) حيث جعلت النبي الأكرم (ص) في قمّة الفضل متقدما على الأربعة الأخرين يليه أمير المؤمنين (ع) متقدماً في الفضل على فاطمة الزهراء (ع) والحسن(ع) والحسين (ع). وقد اختلفت الكلمة في تفضيل فاطمة (ع) على الحسنين أو بالعكس.

 

الهوامش