كتاب العودة
«دخل الأب المنزل واغتسل، ثم جلس إلى الطاولة، ومدَّد ساقَيه وأغمض عينَيه، وأحسَّ في قلبه بفرحة هادئة ورِضًا مُطمئِن. لقد انتهت الحرب. وخلال هذه السنوات قطعَت قدماه آلافَ الكيلومترات، وانطبعت تجاعيدُ التعب على وجهه، وتحت جفْنَيه المغمضَين وخَزَ الألمُ عينَيه اللتين تَنشدان الآن الراحةَ في العتمة أو الظلام.»
ظلَّ «إيفانوف» طوال السنوات التي قضاها في الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية يَحلم بأن ينتهي الألم سريعًا، وأن تعود الحياة إلى سِيرتها الأولى هانئةً مستقرة، وأن يعود إلى مدينته ودِفء بيته حيث زوجته وابنه «بتروشكا» وابنته «ناستيا»، وإلى كل شيء أحبَّه وفارَقه مرغَمًا بسبب الحرب. تملَّكه الاشتياق والحنين، ولم يستطِع الانتظار أكثر، وها قد جاءت لحظة العودة إلى الحياة من جديد. استقلَّ القطار مسرِعًا إلى بيته، والتقى بأُسرته وعانَقها بكلِّ حب، ولكن كان ثَمة شيءٌ حال بين «إيفانوف» والشعور بفرحة العودة من صميم قلبه، وسرعان ما تعكَّر صفو هذا البيت الصغير. تُرى ماذا جرى؟
عن المؤلف
أندري بلاتونوف: كاتب مسرحي وروائي وفيلسوف روسي سوفييتي.
وُلد «أندري بلاتونوفيتش كليمنتوف» في عام ١٨٩٩م بإحدى المقاطَعات في وسط روسيا. بدأ العمل في سن الثالثة عشرة من عمره، فعمل كاتبًا في شركة تأمين محلية، وعاملًا في مصنع أنابيب، وبالسكك الحديدية. درس التكنولوجيا الكهربائية في معهد فورونيج للفنون التطبيقية بعد اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام ١٩١٧م.
إقرأ أيضا:كتاب مونتوككان مولعًا بالكتابة، فنشر عشرات القصائد في عدد من الصحف داخل موسكو وخارجها، فضلًا عن القصص والمقالات والمسرحيات التي كتَبها تحت اسم مستعار وهو «بلاتونوف»، وكتب في موضوعات مختلفة في الأدب والفن والحياة الثقافية والعلوم والفلسفة الوجودية والدِّين والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا وغيرها، ويُعَد من كبار الكتَّاب الروس الذين انتقدوا النظامَ السوفييتي؛ لذا تميَّزت كتاباته بالسخرية من نظام الحكم، وهو ما أدى إلى منع نشر الكثير من أعماله حتى فترة الستينيات، ونُشرت أولًا خارج الاتحاد السوفييتي.
إقرأ أيضا:كتاب قصة مناضل وطنيمن أعماله الأدبية: «شيفنجور»، و«نهر بتودان»، و«دزان»، و«الحفرة»، و«الأشباح»، و«العودة»، و«بحر الصبا»، و«الابن الثالث»، و«بين الحيوانات والنباتات»، و«الخلود»، و«أفروديت».
تُوفِّي «أندري بلاتونوف» عام ١٩٥١م في موسكو إثر إصابته بمرض السل.