القرآن الكريم
هو كلام الله -تعالى- أوحى به إلى رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، عن طريق جبريل عليه السلام، ليكون معجزةً يتحدّى بها العرب، وعلى الرغم من بلاغة العرب وقوة تعبيرهم إلّا أنّهم وقفوا عاجزين أمام فصاحة القرآن الكريم وقوّة بيانه، وما يحويه من تشريع مُحكم دقيق صالح لكلّ مكان وزمان، وأخبار الأمم السابقة، وأخبار الغيب، فكان عجزهم دليلاً على أنّ القرآن ليس من كلام البشر، ودليلاً على صدق نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، كما قال -تعالى- في سورة البقرة: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)، ومن الجدير بالذكر أنّ القرآن نُقل بالتواتر، ويبدأ بسورة الفاتحة وينتهي بسورة الناس.
سورة البقرة
هي أطول سورة في القرآن الكريم، عدد آياتها مئتين وست وثمانين آية، ونزلت بعد هجرة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة، وأصبح المسلمون يعيشون في مجتمع لا ينفصل فيه الدين عن الحياة العامة، حيث إنّها احتوت على التشريعات اللازمة لإدارة وتنظيم حياة المسلمين، كما ركزت على تقوية إيمان المسلمين بالله وبالغيب، وأنّ القرآن الكريم كلام الله المنزل على رسوله، بالإضافة إلى بيان صفات المؤمنين، والمنافقين، والكفّار، ثمّ تحدّثت عن خلق آدم عليه السلام، وسجود الملائكة له، والعداوة مع إبليس، بالإضافة إلى ذكر جرائم بني إسرائيل، وعنادهم للأنبياء، كما ذكرت قصص حدثت مع بني إسرائل وأعظمها قصة البقرة، ويرجع سبب تسمية السورة الكريمة بالبقرة بسبب ما ذُكر فيها من قصة بني إسرائيل مع نبيّهم -عليه السلام- وعنادهم له في ذبح البقرة، وفيما يأتي قصة البقرة بالتفصيل.
إقرأ أيضا:طغيان فرعون و عنادهقصة سورة البقرة
بدأت أحداث القصة عندما قتل رجل من بني إسرائيل عمّه طمعاً بماله، حيث كان عمه عقيماً ليس له ولد وأراد أن يرثه، فقتله ثمّ ألقى الجثة أمام بيت رجل من القوم في الليل، واتّهم الرجل بقتله، فقام أهل الرجل يدافعون عنه وكاد بنو إسرائيل أن يقتتلوا، لولا قال قائل منهم لا تتقاتلوا واذهبوا إلى بنيّ الله موسى ليدلّكم على القاتل، فذهبوا إلى موسى -عليه السلام- وأخبروه بالأمر وطلبوا منه أن يدلّهم على القاتل، فدعى موسى الله -عزّ وجلّ- أن يبين لهم القاتل، فأوحى الله لموسى -عليه السلام- بذبح بقرة وضرب المقتول بلحمها فيقوم ويخبرهم من القاتل، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، فما كان من بني إسرائل إلّا أن تعجّبوا من أمر الله، واعتقدوا بأنّه يستهزأ بهم، حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: (فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا وتعنتوا على موسى، فشدّد الله عليهم)، ثمّ سألوا موسى -عليه االسلام- عن أوصاف البقرة، فقال لهم: إنّها ليست كبيرة ولدت الكثير، ولا صغيرة بحيث إنّها لم تلد، وإنّما هي متوسطة في العمر فاذبحوها، ولكنّهم لم يفعلوا وعادوا ليسألوا عن لونها، فقال لهم: إنّ الله يقول لكم بإنّ لونها أصفر نقي مُشع، تُدخل السرور على من يراها، فلم يفعلوا، وعادوا وقالوا له بإنّ البقر تشابه فادعُ لنا ربّك يبيّن لنا صفاتها لنميّزها عن غيرها، فقال لهم: إنّ الله يقول إنّها بقرة لا تستخدم في حرث الأرض ولا في السقاية ولونها صافٍ لا تشوبه شائبة، فبحثوا كثيراً فلم يجدوا إلّا بقرة واحدة توافق الوصف، فطلبوا من صاحبها أن يبيعهم إيّاها فرفض أن يبيعها إلّا بوزنها ذهب، فاشتروها بعدما أجهدهم البحث عنها وأتعبهم ثمنها، ثمّ ذبحوها وضربوا المقتول بقطعة من لحمها كما أمرهم الله تعالى، فقام المقتول بأمر الله وأشار إلى القاتل ثمّ مات، فكانت نلك الحادثة معجزة من المعجزات الكثيرة التي أنزلها الله على بني إسرائيل، كما قال الله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
إقرأ أيضا:قصة ام حبيبة و ابي سفيانقصة طالوت
بدأت قصة طالوت عندما طلب ملأ من بني إسرائيل من نبيّهم أن يختار لهم ملكاً ليجمع كلمتهم ويقاتلوا في سبيل الله، فاختار الله لهم رجلاً اسمه طالوت، فاعترضوا عليه لأنّه ليس من الأغنياء، إذ كان طالوت راعياً للأغنام، واعترضوا عليه أيضاً لأنّه ليس من سلالة الملوك، فأجابهم النبي بأنّ الله أعطاه زيادةً في العلم وفي الجسم، فكان من أعلم الناس وأقواهم، فطلبوا من نبيّهم آيةً تدلّ على ذلك، فكان دليل ذلك أن أرسل الله لهم تابوتاً فيه بقايا من ملابس موسى وهارون حملته الملائكة وهم ينظرون إليه، فلمّا رأوه تدافعوا إلى الجهاد، ولكنّ طالوت اختار منهم سبعين ألفاً، وخرج بهم في يوم شديد الحرّ ولمّا كانوا في الطريق مرّوا بنهر، فقال لهم طالوت بأنّ النهر ابتلاء من الله لكم فمن يشرب منه لن يكون من الجيش، إلّا من شرب ملء كفّه فقط، فشربوا وفشلوا إلّا القليل منهم وهم ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، ثمّ مضى بهم طالوت حتى وصلوا إلى ساحة القتال وشاهدوا جالوت وجنوده، فدعوا الله أن يصبّرهم ويثبّت أقدامهم وينصرهم على الكافرين، فكانت النتيجة أنّ الله نصرهم بقدرته، وقتل داوود جالوت، وداوود هو فرد من جيش طالوت.
إقرأ أيضا:محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله